للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأولئك أمروا بذلك بقوله تعالى ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ونحن نهينا عنه بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أنفسكم﴾ (النساء:/ ٢٩) فلقد أتى بكبيرة عظيمة، وفي «الصحيحين» عن النبي أنه قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».

فصل

وفيهم من فرق بينه وبين حبيبه فقتل حبيبه.

بلغني عن بعض الصوفية أنه كان في رباط عندنا ببغداد ومعه صبي في البيت الذي هو فيه، فشنعوا عليه وفرقوا بينهما، فدخل الصوفي إلى الصبي ومعه سكين فقتله وجلس عنده يبكي، فجاء أهل الرباط فرأوه فسألوه عن الحال، فأقر بقتل الصبي فرفعوه إلى صاحب الشرطة، فأقر فجاء والد الصبي يبكي فجلس الصوفي يبكي ويقول له: بالله عليك إلا ما أقدتني (١) به، فقال: الآن قد عفوت عنك، فقام الصوفي إلى قبر الصبي فجعل يبكي عليه ثم لم يزل يحج عن الصبي ويهدي له الثواب.

فصل

ومن هؤلاء من قارب الفتنة فوقع فيها ولم تنفعه دعوى الصبر والمجاهدة. والحديث بإسناد عن إدريس بن إدريس، قال: حضرت بمصر قوما من الصوفية، ولهم غلام أمرد يغنيهم، قال: فغلب على رجل منهم أمره فلم يدر ما يصنع، فقال: يا هذا قل لا إله إلا الله، فقال الغلام: لا إله إلا الله، فقال: أقبل الفم الذي قال: لا إله إلا الله.

القسم السادس - قوم لم يقصدوا صحبة المردان، وإنما يتوب الصبي ويتزهد ويصحبهم على طريق الارادة (٢)، فيلبس إبليس عليهم ويقول: لا تمنعوه من الخير، ثم يتكرر نظرهم إليه لا عن قصد، فيثير في القلب الفتنة إلى أن ينال الشيطان منهم قدر ما يمكنه، وربما وثقوا بدينهم فاستنفرهم الشيطان فرماهم إلى أقصى المعاصي كما فعل ببرصيصا.

قال المصنف : وقد ذكرنا قصته في أول الكتاب، وغلطهم من جهة تعرضهم بالفتن وصحبة من لا يؤمن الفتنة في صحبته.


(١) اي قتلتني به قودا: اي بدلا.
(٢) اي رغبة منه في ذلك.

<<  <   >  >>