للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أرقها" (١). فلو جاز استصلاحها لما أمره بتضييع أموال اليتامى * وروى المروزي عن أحمد بن حنبل أنه قال: كسب المخنث خبيث يكسبه بالغناء، وهذا لأن المخنث لا يغني بالقصائد الزهدية إنما يغنى بالغزل والنوح. فبان من هذه الجملة أن الروايتين عن أحمد في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة، فأما الغناء المعروف اليوم فمحظور عنده كيف ولو علم ما أحدث الناس من الزيادات.

فصل

قال المصنف: وأما مذهب مالك بن أنس ، فأخبرنا محمد بن ناصر، نا أبو الحسين بن عبد الجبار، نا أبو إسحاق البرمكي، نا عبد العزيز بن جعفر، ثنا أبو بكر الخلال وأخبرنا عاليا سعيد بن الحسن بن البنا، نا أبو نصر محمد بن محمد الدبيثي، نا أبو بكر محمد بن عمر الوراق، نا محمد بن السري بن عثمان التمار، قالا أخبرنا عبد الله بن أحمد عن أبيه عن إسحاق بن عيسى الطباع (٢)، قال: سألت مالك بن أنس عن ما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء، فقال: إنما يفعله الفساق. أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري، قال: أنبأنا أبو الطيف الطبري، قال: أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب، وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد وحده، فإنه قد حكى زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا.

فصل

وأما مذهب أبي حنيفة ، أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري عن أبي الطيب الطبري، قال: كان أبو حنيفة يكره الغناء مع اباحته شرب النبيذ (٣) وبجعل سماع الغناء من الذنوب، قال: وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة: إبراهيم، والشعبي وحماد، وسفيان الثوري وغيرهم، لا اختلاف بينهم في ذلك. قال: ولا يعرف بين أهل البصرة خلاف في كراهة ذلك والمنع منه، إلا ما روى عبيد الله بن الحسن العنبري أنه كان لا يرى به بأسا.

فصل

وأما مذهب الشافعي رحمة الله عليه، قال: حدثنا اسماعيل بن أحمد،


(١) رواه احمد وأبو داوود والترمذي والدارقطني، ورجاله ثقات، وأصله في «صحيح مسلم».
(٢) في نسخة الطباخ.
(٣) أي نبيذ التمر.

<<  <   >  >>