للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنجاة، وهل قطع بالنجاة إلا لقوم مخصوصين من الصحابة. وقد قال : «من قال: إني في الجنة فهو في النار» (١). وهذا محمد بن واسع يقول عند موته: يا أخوتاه أتدرون أين يذهب بي؟ أتدرون أين يذهب بي؟ والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني.

قلت: وهذا إن صح عن هذا المدعى فهذا غاية من تلبيس إبليس.

وقد كان ابن عقيل يقول: قد حكى عن أبي يزيد أنه قال: وما النار؟! والله لئن رأيتها لاطفئها بطرف مرقعتي، أو نحو هذا قال: ومن قال هذا كائن من كان فهو زنديق يجب قتله، فإن الأهوان (٢) للشيء ثمرة الجحد، لأن من يؤمن بالجن يقشعر في الظلمة، ومن لا يؤمن لا ينزعج، وربما قال: يا جن خذوني. ومثل هذا القائل ينبغي أن يقرب إلى وجهه شمعة، فإذا انزعج قيل له: هذه جذوة من نار.

أنبأنا محمد بن ناصر، نا ابو الفضل الستهلكي، قال: سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، قال: سمعت الحسن بن علوية، يقول: سمعت طيفور الصغير، يقول: سمعت عمي خادم أبي يزيد يقول: سمعت أبا يزيد، يقول: سبحاني سبحاني ما أعظم شأني. ثم قال: حسبي من نفسي حسبي.

قلت: هذا إن صح عنه فربما يكون الراوي لم يفهم، لأنه يحتمل أن يكون قد ذكر تمجيد الحق نفسه، فقال فيه سبحاني حكاية عن الله لا عن نفسه. وقد تأوله له الجنيد بشيء (٣) إن لم يرجع إلى ما قلته فليس بشيء.

فأنبأنا ابن ناصر، نا السهلكي، نا محمد بن القاسم الفارسي سمعت الحسن بن على المذكر، سمعت جعفرا الخلدي يقول: قيل للجنيد: إن أبا يزيد يقول: سبحاني سبحاني أنا ربي الأعلى، فقال الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الجلال فنطق بما استهلكه (٤)، أذهله الحق عن رؤيته اياه فلم يشهد الا الحق فنعته.


(١) رواه الطبراني في «الصغير» من قول يحيى بن ابي كثير وسنده ضعيف. كذا في «المقاصد».
(٢) يقصد الاستهانة والاستخفاف، ولم أجد لفظ «الاهوان».
(٣) أي بتأويل.
(٤) بمعنى أهلكه. واستهلك في الامر: جد فيه مستعجلا.

<<  <   >  >>