للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلي دماغه حتى يستيل من حرها. فأطرق عمر مليا ثم أفاق فقال: زدنا يا كعب، قلت: يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفر يوم القيامة زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مصطفى الاخر جاثيا على ركبتيه ويقول: رب نفسي نفسي لا أسألك اليوم غير نفسي (١).

أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد، نا حمد بن أحمد الحداد، ثنا أبو نعيم الحافظ، ثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي، ثنا إبراهيم بن عبد الله الجنيد، ثنا عبد الله بن محمد بن عائشة، ثنا سالم الخواص عن فرات بن السائب عن زاذان قال: سمعت كعب الأحبار يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة وصارت صفوفا، فيقول: يا جبرائل ائتني بجهنم، فيأتي بها جبريل فتقاد بسبعين ألف زمام، حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق، ثم زفرت ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا حتى على ركبتيه، ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهل العقول، فيفزع كل أمرئ إلى عمله، حتى أن إبراهيم الخليل يقول: بخلتي (٢) لا أسألك إلا نفسي. ويقول موسى: بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي. وإن عيسى ليقول: بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني (٣).

قلت: وقد روينا أن النبي قال: «يا جبرائيل مالي أرى ميكائيل لا يضحك؟!» فقال: ما ضحك ميكائيل من خلقت النار، وما جفت لى عين من خلقت جهنم مخافة أن أعصى الله فيجعلني فيها (٤). وبكى عبد الله بن رواحة يوما فقالت، امرأته: مالك تبكي؟! قال: أنبئت أني وارد ولم أنبأ أني صادر.

قال المصنف : فإذا كانت هذه حالة الملائكة والأنبياء والصحابة وهم المطهرون من الأدناس، وهذا انزعاجهم لأجل النار، فكيف هانت عند هذا المدعى؟! ثم انه يقطع لنفسه بما لا يدري به من الولاية


(١) وفي اسناد هذه القصة على بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
(٢) الخلة: الصداقة.
(٣) لعلها مما حفظه كعب من كتب بني اسرائيل.
(٤) لم أقف على سنده.

<<  <   >  >>