للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرنا أبو بكر بن حبيب، نا أبو سعد بن أبي صادق، نا أبو عبد الله بن باكويه، قال: خبرنا أبو عبد الله بن خفيف، قال: سمعت رويما يقول: اجتمع ليلة بالشام جماعة من المشايخ، فقالوا: ما شهدنا مثل هذه الليلة وطيبها، فتعالوا نتذاكر مسألة لئلا تذهب ليلتنا، فقالوا: نتكلم في المحبة فإنها عمدة القوم، فتكلم كل واحد من حيث هو، وكان في القوم عمرو بن عثمان المكي فوقع عليه البول ولم يكن من عادته، فقام وخرج إلى صحن الدار، فإذا ليلة مقمرة فوجد قطعة رق (١) مكتوب فأخذه وحمله اليهم، وقال: يا قوم اسكنوا فإن هذا جوابكم، أنظروا ما في هذه الرسالة فإذا فيها مكتوب: مكارمكار وكلكم تدعون حبه، وأحرم (٢) البعض وافترقوا فما جمعهم إلا الموسم

قال المصنف : قلت: هذه بعيدة الصحة، وابن خفيف لا يوثق به، وإن صحت فإن شيطانا ألقى ذلك الرق. وإن كانوا قد ظنوا أنها رسالة من الله بظنونهم الفاسدة. وقد بينا أن معنى المكر منه المجازاة على المكر، فأما أن يقال عنه: مكار ففوق الجهل وفوق الحماقة

وقد أخبرنا ابن ظفر، نا ابن السراج، نا الأزجي، ثنا ابن جهضم، ثنا الخلدي قال: سمعت رويما يقول: إن الله غيب أشياء في أشياء، غيب مكره في علمه، وغيب خداعه في لطفه، وغيب عقوباته في باب كراماته. قلت: وهذا تخليط من ذلك الجنس وجرأة

أخبرنا محمد بن ناصر، نا أبو الفضل السهلكي، قال: سمعت محمد بن إبراهيم يقول: سمعت خالي يقول: قال الحسن بن علويه: خرج أبو يزيد لزيارة أخ له، فلما وصل إلى نهر جيحون التقى له حافتا النهر، فقال: سد، اش هذا المكر الخفي، وعزتك ما عبدتك لهذا، ثم رجع ولم يعبر

قال السهلكي: وسمعت محمد بن أحمد المذكر يذكران أبا يزيد، قال: من عرف الله ﷿ صار للجنة بوابا وصارت الجنة عليه وبالا قلت: وهذه جرأة عظيمة في إضافة المكر إلى الله ﷿ وجعل الجنة التي هي نهاية المطالب وبالا، وإذا كانت وبالا للعارفين فكيف تكون لغيرهم


(١) الرق: جلد رقيق يكتب فيه
(٢) أي لبسوا الاحرام

<<  <   >  >>