للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، نا جعفر بن أحمد السراج، نا عبد العزيز ابن الحسن بن إسماعيل الضراب، نا أبي، نا أحمد بن مروان المالكي، نا أبو القاسم بن الختلي: سألت أحمد بن حنبل، وقلت: ما تقول في رجل جلس في بيته أو في مسجده، وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم، أما سمعت قول رسول الله : «جعل الله رزقي تحت ظل رمحي» (١) وحديث الآخر في ذكر الطير تغدو خماصا (٢)، فذكر أنها تغدو في طلب الرزق. قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الارض يبتغون من فضل الله﴾ (المزمل: ٢٠) وقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً من ربكم﴾ (البقرة ١٩٨) وكان أصحاب رسول الله يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخيلهم، ولنا القدوة بهم. وقد ذكرنا فيما مضى عن أحمد أن رجلا قال له: أريد الحج على التوكل، فقال له: فأخرج في غير القافلة قال: لا، قال: فعلى جراب الناس توكلت.

أخبرنا ابن ناصر، نا أبو الحسين بن عبد الجبار، نا عبد العزيز بن علي الأزجي، نا إبراهيم بن محمد بن جعفر الناجي، نا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر، نا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال نا أبو بكر المروزي، قال: قلت لأبي عبد الله هؤلاء المتوكلة يقولون: نقعد وأرزاقنا على الله ﷿، فقال: هذا قول رديء، أليس قد قال الله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البيع﴾ (الجمعة: ٩) ثم قال: إذا قال: لا أعمل وجيء إليه بشيء قد عمل وأكتسب لأي شيء يقبله من غيره.

قال الخلال: وأخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن قوم يقولون: نتوكل على الله ولا نكتسب، فقال: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله، ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب. هذا قول انسان أحمق.

قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح أنه سأل أباه يعنى أحمد بن حنبل - عن التوكل، فقال: التوكل حسن ولكن ينبغي أن يكتسب


(١) كأنه يشير الى حديث: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت ئي المغانم ولم تحل لاحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة» وهو حديث متفق عليه.
(٢) جائعة.

<<  <   >  >>