للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعمل حتى يغني نفسه وعياله ولا يترك العمل. قال: وسئل أبي وأنا شاهد عن قوم لا يعملون ويقولون: نحن المتوكلون فقال: هؤلاء مبتدعون.

قال الخلال: وأخبرنا المروزي أنه قال لأبي عبد الله: أن ابن عيينة كان يقول: هم مبتدعة، فقال أبو عبد الله: هؤلاء قوم سوء يريدون تعطيل الدنيا.

وقال الخلال: وأخبرنا المروزي، قال: سألت أبا عبد الله عن رجل جلس في بيته، وقال: اجلس واصبر واقعد في البيت ولا أطلع على ذلك أحدا، فقال: لو خرج فاحترف كان أحب إلي، فإذا جلس خفت أن يخرجه جلوسه إلى غير هذا. قلت: إلى أي شيء يخرجه؟ قال: يخرجه إلى أن يكون يتوقع أن يرسل إليه.

قال الخلال: وحدثنا أبو بكر المروزي قال: سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إني في كفاية، قال: الزم السوق تصل به الرحم وتعود به على عيالك. وقال لرجل آخر: اعمل وتصدق بالفضل على قرابتك.

وقال أحمد بن حنبل قد أمرتهم - يعني أولاده - أن يختلفوا إلى السوق وأن يتعرضوا للتجارة.

قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن محمد بن زياد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد الله يأمر بالسوق ويقول: ما أحسن الاستغناء عن الناس.

وقال الخلال: وأخبرني يعقوب بن يوسف المطوعي، قال: سمعت أبا بكر ابن النجاد يقول: قال الجصاصي: قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أحب الدراهم إلي درهم من تجارة وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان.

قال المصنف : قلت: وكان إبراهيم بن أدهم يحصد وسلمان الخواص يلقط (١) وحذيفة المرعشي يضرب اللبن.

وقال ابن عقيل: التسبب لا يقدح في التوكل، لأن تعاطى رتبة ترقى على رتبة الأنبياء نقص في الدين. ولما قيل لموسى : ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ (٢) خرج، ولما جاع واحتاج إلى عفة نفسه آجر نفسه.


(١) لقط السنابل: أخذها من الأرض.
(٢) يشير الى الآية الكريمة: ﴿فخرج منها خائفا يترقب﴾ (القصص: ٢٠).

<<  <   >  >>