للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متفكرا ينظر حتى دخلوا إلى المجلس الذي فيه محمد بن مقاتل، واذا بفراش حسن وطيء وهو عليه راقد وعند رأسه مذبة (١) وناس وقوف، فقعد الرازي وبقي حاتم قائماً فأومأ إليه محمد بن مقاتل بيده أن أجلس، فقال حاتم: لا أجلس، فقال له ابن مقاتل: فلك حاجة؟ قال: نعم، قال: وما هي؟ قال: مسألة أسألك عنها، قال: فاسألني، قال حاتم: قم فاستو جالسا حتى أسألك عنها فأمر غلمانه فأسندوه، فقال حاتم: علمك هذا من أين جئت به؟ فقال: حدثني الثقات عن الثقات من الأئمة قال: عمن أخذوه، قال: عن التابعين، قال: والتابعون عمن أخذوه، قال: عن أصحاب رسول الله ، قال: وأصحاب رسول الله عمن أخذوه، قال: عن رسول الله ، قال: ورسول الله من أين جاء به، قال: عن جبريل عن الله ﷿ فقال حاتم: ففيم أداه جبريل عن الله ﷿ إلى النبي وأداة النبي إلى الصحابة، وأداة الصحابة إلى تابعيهم، وأداة التابعون إلى الأئمة، وأداه الائمة الى الثقات، وأداه الثقات اليك، هل سمعت في هذا العلم من كانت داره في الدنيا أحسن وفراشه ألين وزينته أكثر كان له المنزلة عند الله ﷿ أكبر؟ قال: لا، قال: فكيف سمعت قال: سمعت من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة وأحب المساكين وقدم لآخرته كان عند الله ﷿ له المنزلة أكثر وإليه أقرب، قال حاتم: وأنت بمن اقتديت أبالنبي وبأصحابه والتابعين من بعدهم والصالحين على أثرهم او بفرعون و نمرود فانهما أول من بنى بالجص والآجر يا علماء السوء إن الجاهل المتكالب على الدنيا الراغب فيها يقول: هذا العالم على هذه الحالة إلا أكون أنا قال: فخرج من عنده وازداد محمد بن مقاتل مرضا، وبلغ أهل الري ما جرى بين حاتم وبين ابن مقاتل، فقالوا لحاتم: أن محمد بن عبيد الطنافسي بقزوين أكثر شيئا من هذا فصار إليه، فدخل عليه وعنده الخلق يحدثهم فقال له: رحمك الله أنا رجل أعجمي جئتك لتعلمني مبدأ ديني و مفتاح صلاتي كيف أتوضأ للصلاة؟ فقال: نعم وكرامة، يا غلام إناء فيه ماء فجاءه بإناء فيه ماء، فقعد محمد بن عبيد فتوضأ ثلاثا ثم قال له: هكذا فتوضأ، قال حاتم: مكانك رحمك الله حتى أتوضأ بين يديك ليكون أوكد لما أريد، فقام الطنافسي وقعد حاتم مكانه فتوضأ وغسل وجهه ثلاثا حتى إذا بلغ الذراع غسل أربعا، فقال الطنافسي: أسرفت


(١) ما يذب به الذباب: أي يطرد.

<<  <   >  >>