للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقربون للمشتري صبيا طفلا وذلك أنهم يشترون جارية ليطأ السدنة (١) للأصنام السبعة فتحمل وتترك حتى تضع، ويأتون بها والصبي على يدها ابن ثمانية أيام فينحسونه بالمسال (٢) والإبر وهو يبكي على يد أمه فيقولون له: أيها الرب الخير الذي لا يعرف الشر قد قربنا لك من لم يعرف الشر يجانسك في الطبيعة فتقبل قرباننا وارزقنا خير أرواحك الخيرة.

ويقربون للمريخ رجلا أشقر أنمش (٣) أبيض الرأس من الشقرة يأتون به فيدخلونه في حوض عظيم ويشدون قيوده إلى أوتاد في قعر الحوض ويملأون الحوض زيتا حتى يبقى الرجل قائما فيه الى حلقه ويخلطوأن بالزيت الادوية المقوية للعصب والمعفنة للحم والجلد، حتى إذا دار عليه الحول بعد أن يغذى بالأغذية المعفنة للحم والجلد قبضوا على رأسه فملخوا (٤) عصبه من جلده ولفوه تحت رأسه وأتوا به إلى صنمهم الذي هو على صورة المريخ، فقالوا: أيها الإله الشرير ذو الفتن والجوائح، قربنا إليك ما يشبهك فتقبل قرباننا واكفنا شرك وشر أرواحك الخبيثة الشريرة. ويزعمون أن الرأس تبقى فيه الحياة سبعة أيام وتكلمهم بعلم ما يصيبهم تلك السنة من خير وشر.

ويقربون للشمس تلك المرأة التي قتلوا ولدها للمشتري، ويطوفون بصورة الشمس ويقولون: مسبحة مهللة أنت أيتها الآلهة النورانية قربنا إليك ما يشبهك فتقبلي قرباننا وارزقينا من خيرك وأعيذينا من شرك.

ويقربون للزهرة عجوزا شمطاء ماجنة (٥) يقدمونها بين يديها وينادون حولها أيتها الآلهة الماجنة أتيناك بقربان بياضه كبياضك … ومجانته كمجانتك وظرفه كظرفك فتقبليها منا. ثم يأتون بالحطب فيجعلونه حول العجوز ويضرمون فيه النار إلى أن تحترق فيحثون رمادها في وجه الصنم.

ويقربون لعطارد شابا أسمر حاسبا كاتبا متأدبا يأتون به بحيلة. وكذلك يفعلون بالكل يخدعونهم ويبنجونهم ويسقونهم أدوية تزيل العقل وتخرس الأنسنة فيقدمون هذا الشاب إلى صنم عطارد ويقولون: أيها الرب الظريف.


(١) السدنة جمع سادن وهو خادم الكعبة وبيت الأصنام.
(٢) جمع مسلة وهي الابرة الكبيرة.
(٣) النمش بفتحتين: نقط بيض وسود.
(٤) ملخ الشيء: جذبه.
(٥) أي لا تستحي من قبح القول.

<<  <   >  >>