للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من يحتال بإعطاء الفقير ثوبا يقومه عليه بعشرة دنانير، وهو يساوي دينارين، ويظن ذلك الجاهل أنه قد تخلص. ومنهم من يخرج الرديء مكان الجيد. ومنهم من يعطى الزكاة من يستخدمه (١) طول السنة فهي على الحقيقة أجره. ومنهم من يخرج الزكاة كما ينبغي، فيقول له إبليس: ما بقي عليك، فيمنعه أن يتنفل بصدقة حباً للمال فيفوته أجر المتصدقين، ويكون المال رزق (٢) غيره.

وبإسناد عن الضحاك عن ابن عباس قال: أول ما ضرب الدرهم أخذه إبليس فقبله ووضعه على عينه وسرته، وقال: بك أطغى وبك أكفر، رضيت من ابن آدم بحبه الدينار من أن يعبدني.

وعن الأعمش عن شقيق عن عبد الله، قال: إن الشيطان يريد الإنسان بكل ريد (٣) فإذا أعياه اضطجع في ماله، فيمنعه أن ينفق منه شيئا.

والثالث - من حيث التكثير بالأموال، فإن الغني يرى نفسه خيرا من الفقير، وهذا جهل لأن الفضل بفضائل النفس اللازمة لها لا بجمع حجارة خارجة عنها كما قال الشاعر:

غنى النفس لمن يعق … ل خير من غنى المال

وفضل النفس في الانف … س ليس الفضل في الحال

والرابع - في إنفاقها، فمنهم من ينفقها على وجه التبذير والإسراف، تارة في البنيان الزائد على مقدار الحاجة وتزويق الحيطان وزخرفة البيوت وعمل الصور. وتارة في اللباس الخارج بصاحبه إلى الكبر والخيلاء، وتارة في المطاعم الخارجة إلى السرف. وهذه الأفعال لا يسلم صاحبها من فعل محرم أو مكروه، وهو مسئول عن جميع ذلك.

وبإسناد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «يا أبن آدم لا تزول قدماك يوم القيامة بين يدي الله ﷿ حتى تسأل عن أربع: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين أنفقته (٤).


(١) أي يعطيها لشخص مستخدم عنده.
(٢) أي يبقى للورثة.
(٣) الريد: الطلب كالرود
(٤) لم أجده عن أنس، وإنما رواه ابن مسعود كما في «سنن الترمذي» بلفظ: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم». وهو حديث صحيح لشواهده.

<<  <   >  >>