قال ابن عقيل: وإنما أوردت مثل هذا ليعلم أنه قد ارتفع القوم إلى التلاعب بالدين، فأي بقاء للشريعة مع هذا الحال.
قلت: وابن الشباس هذا كان يكنى أبا عبد الله، والشباس هو أبوه كان يكنى أبا الحسن، واسم الشباس علي بن الحسين بن محمد البغدادي، توفي بالبصرة سنة أربع وأربعين وأربع مائة، وكان الشباس وأبوه وعمه مستقرين بالبصرة، وكانت مذاهبهم تخفى على الناس الا أن الاغلب انهم كانوا من الشيعة الامامية والغلاة الباطنية، وقد ذكرت في «التاريخ» عن ابن الشباس أن بعض اصحابه انكشفت له نار بخيانته وزخارفه، وكانت تخفى على الناس الى أن كشفها بعض أصحابه من الشيعة الامامية الباطنية للناس، فلما كشفها للناس وبينها، فكان مما حدث به عنه أنه قال: حضرنا يوما عنده فأخرج جديا مشويا، فأمرنا بأكله وأن نكسر عظمه ولا نهشمها، فلما فرغنا أمر بردها إلى التنور، وترك على التنور طبقا، ثم رفعه بعد ساعة، فوجدنا جديا حيا يرعى حشيشا، ولم نر للنار أثرا ولا للرماد ولا للعظام خبرا، قال: فتلطفت حتى عرفت ذلك، وذلك أن التنور يفضي إلى سرداب وبينهما طبق نحاس بلولب، فإذا أراد إزالة النار عنه فركه، فينزل عليه فيسده، وينفتح السرداب، وإذ أراد أن يظهر النسار أعاد الطبق إلى فم السرداب فترى للناس.
قال المصنف ﵀: وقد رأينا في زماننا من يشير إلى الملائكة ويقول: هؤلاء ضيف مكرمون، يوهم أن الملائكة قد حضرت، ويقول لهم: تقدموا إلى. وأخذ رجل في زماننا إبريقا جديدا، فترك فيه عسلا، فتشرب في الخزف طعم العسل، واستصحب الإبريق في سفره، فكان إذا غرف به الماء من النهر وسقى أصحابه وجدوا طعم العسل، وما في هؤلاء من يعرف الله ولا يخاف في الله لومة لائم نعوذ بالله من الخذلان.