للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجتمع عليهم، ويستعلم حالهم، فيكتب ذلك إليه الجواب، ثم يجتمع بهم، فيخبرهم بتلك الحوادث، ويحدثهم بأحوالهم حديث من هو معهم ومعاشرهم في بلادهم، ثم يحدثهم بما تجدد بعدهم وفي يومه ذلك، فيقول: الساعة تجدد كذا وكذا، فيدهشون، ويرجعون إلى رستاقهم (١) فيجدون الأمر على ما قال، ويتكرر هذا منه فيصير عندهم كالقطعي على أنه يعلم الغيب. قال: وما كان يفعله أنه يأخذ طير عصفور ويشد في رجله تلفكا (٢)، ويجعل في التلفك بطاقة صغيرة، ويشد في رجل حمامة تلفكا، ويشد في طرف التلفك كتابا أكبر من ذلك، ويجعله بين يديه ويجعل العصفور بيد، ويأخذ غلاما له في السطح (٣) والحمامة بيد آخر فيه ما في تلك البطاقة الصغيرة، ويطلق الطائر العصفور، فينظر الناس الكتاب وهو طائر في الهواء، فيروح الحمام إلى تلك القرية فيأخذه صديقه الذي هناك، ثم يخبره بجميع أمور القرية وأصحابها، فلما يتكامل مجلسه بالناس يشير وينادي: يا بارش، كأنه يخاطب شيطانا اسمه بارش، ويقول: خذ هذا الكتاب الى قرية فلان فقد جزت بينهم خصومة، فاجتهد في إصلاح ذات بينهم، ويرفع صوته بذلك فيسرح غلامه المترصد العصفور الذي في يده، فيرفع الكتاب نحو السماء، بحضرة الجماعة يرونه عيانا من غير أن يروا التلفك فإذا ارتفع الكتاب جذبه الغلام المقيد بالعصفور وقطع التلفك حتى لا يرى، ويرسل العصفور إلى تلك القرية ليصلح الأمر، وكذلك يفعل بالحمامة، ثم يقول لغلامه: هات الكتاب، فيلقيه الغلام الذي في السطح الذي قد جاءه خبر ما في القرية التي هؤلاء منها، ثم يكتب كتابا إلى دهقان (٤) تلك القرية فيشد به تلفكا، ويجعله في رجل عصفور كما قدمنا، ويطلقه حتى يعلو سطح المكان، فيأخذه ذلك الغلام فيشدة في رجل طير حمام، فيروح إلى تلك القرية بذلك الكتاب، فيصلح بين الناس الذين قد أتاه خبرهم بالمشاجرة، فتخرج الجماعة الذين من تلك القرية فيجدون كتاب الشيخ قد وصل لهم، وقد اجتمع دهاقين القرية وأصلحوا بينهم، فيجيء ذلك فيخبرهم فلا يشكون في ذلك أنه يعلم الغيب، ويتحقق هذا في قلوب العوام.


(١) الرسداق والرزداق: القرى.
(٢) كلمة غربية ولعلها بمعنى السلك.
(٣) الغلام في بعض النسخ هكذا بالنصب، وفي بعض بالرفع، وعلى كل المعنى ظاهر، وهو ان ابن الشباس كان يتخذ غلامه فى السطح لاجل ما ذكر.
(٤) أي رئيس.

<<  <   >  >>