للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من إلقاء الشياطين، فقد قال الله ﷿: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ (الانعام: ١٢١) وهذا هو الظاهر، لأنه ترك الدليل المعصوم وعول على ما يلقي في قلبه الذي لم تثبت حراسته من الوساوس، وهؤلاء يسمون ما يقربهم خاطرا. قال: والخوارج على الشريعة كثير، إلا أن الله ﷿ يؤيدها بالنقلة الحفاظ الذابين عن الشريعة حفظا لاصلها، وبالفقهاء حفظا لمعانيها، وهم سلاطين العلماء لا يتركون لكذاب رأسا يرتفع.

قال ابن عقيل: والناس يقولون: إذا أحب الله خراب بت تاجر عاشر الصوفية، قال: وأنا أقول وخراب دينه لأن الصوفية قد أجازوا لبس النساء الخرقة من الرجال الأجانب، فإذا حضروا السماع والطرب فربما جرى في خلال ذلك مغازلات، واستخلاء (١) بعض الأشخاص ببعض فصارت الدعوة عرسا للشخصين، فلا يخرج إلا وقد تعلق قلب شخص بشخص ومال طبع إلى طبع وتتغير المرأة على زوجها، فإن طابت نفس الزوج سمي بالديوث، وإن حبسها طلبت الفرقة إلى من تلبس منه المرقعة والاختلاط بمن لا يضيق الخناق ولا يحجر على الطباع. ويقال: تابت فلانة وألبسها الشيخ الخرقة وقد صارت من بناته. ولم يقنعوا أن يقولوا هذا لعب وخطأ حتى قالوا: هذا من مقامات الرجال، وجرت على هذه السنون، وبرد حكم الكتاب والسنة في القلوب. هذا كله من كلام ابن عقل ، فلقد كان ناقدا مجيدا متلمحا (٢) فقيها.

أنشدنا أبو علي عبيد الله الزاغونى، قال: أنشدنا أبو محمد بن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وأبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكرى، قالا: أنشدنا أبو بكر العنبري لنفسه في الصوفية:

تأملت اختبر المدعين … بين الموالي وبين العبيد

فألفيت أكثرهم كالسراب … يروقك منظره من بعيد

فناديت يا قوم من تعبدون فكل أشار بقدر الوجود

فبعض أشار إلى نفسه … واقسم ما فوقها من مزيد

وبعض إلى خرقة رقعت … وبعض إلى ركوة (٣) من جلود


(١) استخلاه: طلب ان يخلو به. واستخلى به خلابه.
(٢) من اللمح وهو البصر بالاشياء.
(٣) الركوة: اناء صغير لشرب الماء.

<<  <   >  >>