للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حبلا فيحتطب، ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه، ثم يستغنى به فينفقه على نفسه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».

قلت: أنفرد به البخاري واتفقا على الذي قبله. وفي حديث عبد الله ابن عمرو عن النبي أنه قال: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي» والمرة: القوة. وأصلها من شدة فتل الحبل، يقال: أمررت الحبل: إذا أحكمت فتله. فمعنى المر في الحديث شدة أمر الخلق وصحة البدن التي يكون معها احتمال الكل والتعب. قال الشافعي : لا تحل الصدقة لمن يجد قوة يقدر بها على الكسب.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، أنبأنا: أبو سعد الماليني، قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الواحد الهاشمي: سمعت أبا الحسن يونس بن أبي بكر الشبلي يقول: قام أبي ليلة فترك فرد رجل على السطح والأخرى على الدار، فسمعته يقول: لئن أطرفت لأرمين بك إلى الدار، فما زال على تلك الحال حتى أصبح، فلما أصبح قال لي: يا بني ما سمعت الليلة ذاكرا لله ﷿ إلا ديكا يساوي دانقين (١).

قال المصنف : هذا الرجل قد جمع بين شيئين لا يجوزان:

أحدهما - مخاطرته بنفسه، فلو غلبه النوم فوقع كان معينا على نفسه، ولا شك أنه لو رمى بنفسه كا نقد أتى معصية عظيمة فتعرضه للوقوع معصية.

والثاني - أنه منع عينه حظها من النوم. وقد قال صلى الله عليه

وسلم: «إن لجسدك عليك حقا (٢)، وإن لزوجتك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا». وقال: «إذا نعس أحدكم فليرقد (٣)». ومر بحبل قد مدنه زينب، فإذا فترت أمسكت به، فأمر بحله. وقال: «ليصل أحدكم


(١) الدائق: سدس الدرهم.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه الجماعة الا النسائي عن عائشة مرفوعا: «اذا نعس احدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فان احدكم اذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه».

<<  <   >  >>