قال أبو حامد: ضاع لبعض الصوفية ولد صغير، فقيل له: لو سألت الله أن يرده عليك، فقال: اعتراضي عليه فيما يقضي أشد على من ذهاب ولدى.
قلت: لقد طال تعجبي من أبي حامد كيف يحكي هذه الأشياء في معرض الاستحسان والرضى عن قائلها، وهو يدري أن الدعاء والسؤال ليس باعتراض.
وقال أحمد الغزالي: دخل يهودي إلى أبي سعيد بن أبي الخير الصوفي، فقال له: أريد أن أسلم على يديك، فقال: لا ترد، فاجتمع الناس، وقالوا: يا شيخ تمنعه من الإسلام، فقال له: تريد بلا، بد، قال: نعم، قال له: برئت من نفسك ومالك؟ قال: نعم، قال: هذا الإسلام عندي احملوه الاز الى الشيخ أبى حامد يعلمه لا لا المنافقين. يعني لا إله إلا الله.
قلت: وهذا الكلام أظهر عيبا من أن يعاب فإنه في غاية القبح.
ومما يقارب هذه الحكاية في دفع من أراد الإسلام ما أخبرنا به أبو منصور القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، نا محمد بن نعيم الضبي، قال: سمعت أبا علي الحسين بن محمد بن احمد الماسرجس يحكي عن جده وغيره من أهل بيته قال: كان الحسن والحسين ابنا عس بن ماسرجس أخوين يركبان فيتحير الناس من حسنهما وزيهما، فاتفقا على أن يسلما، فقصدا حفص بن عبد الرحمن ليسلما على يده، فقال لهما حفص: أنتما من أجل النصارى وعبد الله بن المبارك خارج فى هذه السنة للحج، وإذا اسلمتما على يده كان ذلك أعظم عند المسلمين، فإنه شيخ أهل المشرق والمغرب، فان رفا، فمرض الحسين ومات على نصرانيته قبل قدوم ابن المبارك، فلما قدم أسلم الحسن.
قلت: وهذه المحنة إنما جلبها الجهل فليعرف قدر العلم، لأنه لو كان عنده حظ من علم لقال أسلما الآن، ولا يجوز تأخير ذلك لحظة. وأعجب من هذا أبو سعيد الذي قال لليهودي ما قال لأنه يريد الإسلام.
وذكر أبو نصر السراج في كتاب «اللمع» لمع المتصوفة، قال: كان سهل بن عبد الله إذا مرض أحد من أصحابه يقول له: إذا أردت أن تشتكي فقل: أوه، فهو اسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه المؤمن، ولا تقل: افرج (١) فإنه اسم من أسماء الشيطان.