قلت: أما قوله - لا تنس العمل به - فتفسير لا وجه له والغلط فيه ظاهر، لأنه فسره على أنه نهي وليس كذلك، انما هو خبر لا نهي، وتقديره: فما تنسى، إذ لو كان نهيا كان مجزوما فتفسيره على خلاف إجماع العلماء، وكذلك قوله: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾ إنما هو من الدرس الذي هو التلاوة من قوله ﷿: ﴿وَبِمَا كنتم تدرسون﴾ (ال عمران: ٧٩). لا من دروس الشيء الذي هو هلاكه.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الباقي، نا حمد بن أحمد، ثنا أبو نعيم الحافظ، قال: سمعت أحمد بن محمد بن مقسم يقول: حضرت أبا بكر الشبلي وسئل عن قوله ﷿: ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب﴾ (ق: ٣٧) فقال: لمن كان الله قلبه.
وأخبرنا عمر بن ظفر، نا جعفر بن أحمد، نا عبد العزيز بن علي، نا ابن جهضم، ثنا محمد بن جرير، قال: سمعت أبا العباس بن عطاء وقد سئل عن قوله: ﴿فنجيناك من الغم﴾ (طه: ٤٠). قال: نجيناك من الغم بقومك، وفتناك بنا عمن سوانا.
قال المصنف ﵀: وهذه جرأة عظيمة على كتاب الله ﷿، ونسبة الكليم إلى الافتتان بمحبة الله سبحانه. وجعل محبته تفتن غاية في القباحة.
أخبرنا أبو منصور القزاز، نا أحمد بن علي الحافظ، نا أبو حازم عمر ابن إبراهيم العبدري، قال سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الرازي يقول: سمعت أبا العباس بن عطاء يقول في قوله ﷿: ﴿وأما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم﴾ (الواقعة: ٨٩) فقال: الروح: النظر إلى وجه الله ﷿ والريحان: الاستماع لكلامه، وجنة نعيم، هو أن لا يحجب فيها عن الله ﷿.
قلت: هذا كلام بالواقع على خلاف أقوال المفسرين. وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي في تفسير القرآن من كلامهم الذي أكثره هذيان لا يحل نحو مجلدين سماها «حقائق التفسير». فقال في فاتحة الكتاب عنهم: انهم قالوا: إنما سميت فاتحة الكتاب لأنها أوائل ما فاتحناك به من خطابنا، فإن تأدبت بذلك وإلا حرمت لطائف ما بعد.
قال المصنف ﵀: وهذا قبيح لأنه لا يختلف المفسرون أن الفاتحة ليست من أول ما نزل، وقال في قول الإنسان: آمين، أي قاصدون نحوك.