للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطن وهو العلم النافع» (١) وعلمك يا شيخ نقل من لسان عن لسان التعليم وعلمي من الله إلهام من عنده. فقال له الشيخ: علمى من الثقات عن رسول الله عن جبريل عن ربه ﷿، فقال له أبو يزيد: يا شيخ كان للنبي علم عن الله لم يطلع عليه جبريل ولا ميكائيل، قال: نعم، ولكن أريد أن يصح لي علمك الذي تقول هو من عند الله، قال: نعم أبينه لك قدر ما يستقر في قلبك معرفته. ثم قال: يا شيخ علمت أن الله تعالى كلم موسى تكليما وكلم محمدا ورآه كفاحا (٢). وان علم الأنبياء وحي، قال: نعم، قال: أما علمت أن كلام الصديقين والأولياء بالهام منه وفوائده من قلوبهم حتى أنطقهم بالحكمة ونفع بهم الامة. ومما يؤكد ما قلت: ألهم الله تعالى أم موسى أن تلقي موسى في التابوت فألقته، وألهم الخضر في السفينة والغلام والحائط قوله لموسى: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ وكما قال أبو بكر لعائشة : إن ابنة خارجة حاملة ببنت. وألهم عمر فنادى يا سارية الجبل.

أنبأنا ابن ناصر، أنبأنا أبو الفضل السهلكي، قال: سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت إبراهيم سبتية يقول: حضرت مجلس أبي يزيد والناس يقولون: فلان لقي فلانا وأخذ من علمه وكتب منه الكثير، وفلان لقي فلانا، فقال أبو يزيد: مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.

قال المصنف : هذا الفقه في الحكاية الأولى من قلة العلم إذ لو كان عالما لعلم أن الإلهام للشيء لا ينافي العلم ولا يتسع (٣) به عنه، ولا ينكر أن الله ﷿ يلهم الإنسان الشيء كما قال :


(١) ليس هكذا لفظ الحديث بل لفظه: «العلم علمان، فعلم في القلب فذلك العلم النافع، وعلم على اللسان فذلك حجة الله على ابن آدم». رواه ابن ابي شيبة والحكيم الترمذي عن الحسن البصري مرسلا. قال المنذري: اسناده صحيح. وقال الحافظ العراقي: اسناده صحيح. ورواه الخطيب عن الحسن عن جابر مرفوعا. قال المنذري: اسناده صحيح، وقال الحافظ العراقي: سنده جيد (كذا في «فيض القدير»).
(٢) أي مواجهة.
(٣) أي لا يستغني به عنه من اتسع الرجل: اذا صار ذا سعة وغنى.

<<  <   >  >>