للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجحدوا الأصل وشددوا في الفرع، وقول الآخر: مُلحك مدقوق لست تُفلح، وكيف يقال عمن استعمل ما أبيح له لست تُفلح، وأما سويق الشعير فإنه يورث القولنج، وقول الآخر: الزبد بالعسل إسراف قول مرذول لأن الإسراف ممنوع منه شرعا، وهذا مأذون فيه. وقد صح عن رسول الله أنه كان يأكل القثاء بالرطب (١)، وكان يحب الحلوى والعسل (٢).

وأما ما روينا عن سهل أنه قال: قسمت قوتي وعقلي سبعة أجزاء ففعل يذم به ولا يمدح عليه إذ لم يأمر الشرع بمثله وهو إلى التحريم أقرب، لأنه ظلم للنفس وترك لحقها، وكذلك قول الذي قال: ما أكلت إلا وقت أن يباح لي أكل الميتة، فإنه فعل برأيه المرذول. وحمل على النفس مع وجود الحلال. وقول أبي يزيد: القوت عندنا الله، كلام ركيك فإن البدن قد بني على الحاجة إلى الطعام حتى إن أهل النار في النار يحتاجون إلى الطعام، وأما التقبيح على من أخذ قشر البطيخ بعد الجوع الطويل فلا وجه له، والذي طوى ثلاثا لم يسلم من لوم الشرع، وكذلك الذي عاهد أن لا يأكل حين احتجم حتى وقع في الضعف فإنه فعل ما لا يحل له، وقول إبراهيم له: أحسنتم يا مبتدئون خطأ أيضا، فإنه كان ينبغي أن يلزمه بالفطر ولو كان في رمضان إذ من له أيام لم يأكل وقد احتجم وغشي عليه لا يجوز له أن يصوم. أخبرنا أبو منصور القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، ثني الأزهري، ثنا علي بن عمر، ثنا أبو حامد الحضرمي، ثنا عبد الرحمن بن يونس السواح، ثنا بقية بن الوليد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : «من أصابه جهد في رمضان فلم يفطر فمات دخل النار».

قال المصنف : قلت: كل رجاله ثقات (٣). وقد أخبرنا به عاليا محمد بن عبد الباقي، نا أبو يعلى محمد بن الحسين، نا علي بن عمر السكري، ثنا أحمد بن محمد الأسدي، ثنا عبد الرحمن بن يونس فذكره، وقال: من أصابه جهد في رمضان فلم يفطر دخل النار.

قال المصنف : وأما تقليل ابن خفيف ففعل قبيح لا يستحسن،


(١) رواه الجماعة الا النسائي عن عبد الله بن جعفر.
(٢) رواه الجماعة عن عائشة.
(٣) الا أن بقية بن الوليد كثير التدليس عن الضعفاء، وقد عنعن الحديث ولم يصرح بالسماع.

<<  <   >  >>