للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يابابك قد عملت ما لم يعمله أحد فاصبر الآن صبرا لم يصبره أحد. فقال: سترى صبري فأمر المعتصم بقطع يديه ورجليه، فلما قطعوا مسح بالدم وجهه، فقال المعتصم: أنت في الشجاعة كذا وكذا ما بالك قد مسحت وجهك بالدم أجزعا من الموت، فقال: لا، ولكني لما قطعت أطرافي نزف الدم، فخفت أن يقال عني: إنه اصفر وجهه جزعا من الموت، قال: فيظن ذلك بي فسترت وجهي بالدم كيلا يرى ذلك مني. ثم بعد ذلك ضربت عنقه وأضرمت عليه النار وفعل مثل ذلك بأخيه، فما فيهما من صاح ولا تأوه ولا أظهرا جزعا لعنهما الله، وقد بقي من البابكية جماعة يقال أن لهم ليلة في السنة تجتمع فيها رجالهم ونساؤهم، ويطفئون السرج ثم يتناهضون للنساء فيثب كل رجل منهم إلى امرأة، ويزعمون أن من احتوى (١) على امرأة يستحلها بالاصطياد لأن الصيد مباح.

الاسم الخامس: المحمرة - قال المصنف: سموا بذلك لأنهم صبغوا ثيابهم بالحمرة في أيام بابك ولبسوها.

الاسم السادس: القرامطة - قال المصنف: وللمؤرخين في سبب تسميتهم بهذا قولان:

أحدهما - أن رجلا من ناحية خوزستان قدم سواد الكوفة فأظهر الزهد ودعا إلى إمام من أهل بيت الرسول ، ونزل على رجل يقال له: كرميتة لقب بهذا لحمرة عينية وهو بالنبطية حاد العين، فأخذه أمير تلك الناحية فحبسه وترك مفتاح البيت تحت رأسه ونام فرقت له جارية، فأخذت المفتاح ففتحت البيت وأخرجته وردت المفتاح إلى مكانه. فلما طلب فلم يوجد زاد افتتان الناس به فخرج إلى الشام فسمى كرميتة باسم الذي كان نازلا عليه، ثم خفف فقيل: قرمط ثم توارث مكانه أهله وأولاده.

والثاني - أن القوم قد لقبوا بهذا نسبة إلى رجل يقال له: حمدان قرمط كان أحد دعاتهم في الابتداء، فاستجاب له جماعة فسموا قرامطة وقرمطية. وكان هذا الرجل من أهل الكوفة، وكان يميل إلى الزهد فصادفه أحد دعاة الباطنية في طريق وهو متوجه إلى قرية وبين يديه بقر يسوقها. فقال حمدان لذلك الراعي وهو لا يعرفه: أين مقصدك … فذكر قرية حمدان، فقال له: أركب بقرة من هذه لئلا تتعب، فقال: اني لم أومر.


(١) احتوى على الشيء: أحرزه.

<<  <   >  >>