الحوادث في ذات الباري ﷾. وقال: إن الله لا يقدر على إعادة الأجسام والجواهر انما يقدر على ابتدائها. وقالت السالمية: إن الله ﷿ يتجلى يوم القيامة لكل شيء في معناه فيراه الادمي ادميا والجني جنيا. وقالوا: لله سر لو أظهره لبطل التدبير.
قال المصنف: قلت: أعوذ بالله من نظر وعلوم أوجبت هذه المذاهب القبيحة. وقد زعم أرباب الكلام أنه لا يتم الايمان الا بمعرفة ما رتبوه، وهؤلاء على الخطأ لأن الرسول ﷺ أمر بالإيمان ولم يأمر ببحث المتكلمين، ودرجة الصحابة الذين شهد لهم الشارع بأنهم خير الناس على ذلك. وقد ورد ذم الكلام على ما قد أشرنا إليه. وقد نقل إلينا أقلاع منطقي المتكلمين عما كانوا عليه لما رأوا من قبح غوائله.
فأخبرنا أبو منصور القزاز، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، نا أبو منصور محمد ابن عيسى بن عبد العزيز البزار، ثنا صالح الوفاة بن أحمد بن محمد الحافظ، ثنا أحمد بن عبيد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن سليمان بن الاشعث، قال: سمعت أحمد بن سنان قال: كان الوليد بن أبان الكرابيسي خالي فلما حضرته الوفاة قال لبنيه: تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا، قال: فتتهمونني؟ قالوا: لا، قال: فإني أوصيكم أتقبلون؟ قالوا: نعم، قال: عليكم بما عليه أصحاب الحديث فإني رأيت الحق معهم. وكان أبو المعالي الجويني يقول: لقد جلت (١) أهل الإسلام جولة وعلومهم وركبت البحر الأعظم وغصت في الذي نهوا عنه كل ذلك في طلب الحق وهربا من التقليد، والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق عليكم بدين العجائز فإن لم يدركني الحق بلطيف بره فأموت على دين العجائز ويختم عاقبة أمري عند الرحيل بكلمة الاخلاص، فالويل لابن الجويني. وكمان يقول لأصحابه: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به.
وقال أبو الوفاء ابن عقيل لبعض أصحابه: أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت. قال وقد أفضى الكلام بأهله إلى الشكوك وكثير منهم إلى الإلحاد تشم روائح الإلحاد من فلتات كلام المتكلمين. وأصل ذلك أنهم ما قنعوا بما قنعت به الشرائع وطلبوا الحقائق وليس في قوة العقل إدراك ما عند الله من الحكمة التي انفرد