للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الكلبي: حدثني مالك بن حارثة أنه رأى ودا. قال: وكان أبي يبعثني باللبن إليه ويقول: اسق إلهك فأشربه. قال: ثم رأيت خالد بن الوليد بعد كسره فجعله جذاذا وكان رسول الله بعثه من غزوة تبوك أهدمه فحالت بينه وبين هدمه بنو عبد ود وبنو عامر، فقاتلهم فقتلهم وهدمه وكسره، وقتل يومئذ رجلا من بني عبد ود يقال له: قطن سريح فأقبلت أمه - وهو مقتول - وهي تقول:

ألا تلك المودة لا تدوم … ولا يبقى على الدهر النعيم

ولا يبقى على الحدثان عفر (١) … له أم بشاهقة رؤوم

ثم قالت: يا جامعا جامع الأحشاء والكبد … يا ليت أمك لم تولد ولم تلد

ثم أكبت عليه فشهقت وماتت.

قال الكلبي: فقلت لمالك بن حارثة: صف لي ودا حتى كأني أنظر إليه. قال: كان تمثال رجل أعظم ما يكون من الرجال قد دبر أي نقش، عليه حلتان متزر بحلة مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده وتنكب قوسا وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة (٢) فيها نبل، يعني جعبتها. قال: وأجابت عمرو بن لحي مضر بن نزار فدفع إلى رجل من هذيل يقال له: الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر سواعا، وكان بأرض يقال لها: رهاط من بطن نخلة يعبده من يليه من مضر. فقال رجل من العرب:

تراهم حول قبلتهم عكوفا … كما عكفت هذيل على سواع

يظل حياته صرعى لديه … غنائم من ذخائر كل راع


(١) العفر بكسر العين وضمها: الشجاع والشديد.
(٢) الوفضة الجعبة التي تجعل فيها السهام.

<<  <   >  >>