مثل الدرع نور الولاية، فرجعت فإذا في الشجرة رمانه، فأكلتها، واستقللت (١) بها من الجوع والعطش، ولم ألبث دون المضي إلى مكة، فإذا أنا بالأربعين بين زمزم والمقام، فأقبلوا إليّ بأجمعهم يسألونني عن حالي ويسلمون علي، فقلت: قد غنيت عنكم وعن كلامكم آخرا كما أغناكم الله عن كلامي أولا، فما في لغير الله موضع.
قال المصنف ﵀: عمرو بن واصل ضعفه ابن أبي حاتم، والآدمي وأبوه مجهولان، ويدل على أنها حكاية موضوعة قولهم: أطرح ما معك، لأن الأولياء لا يخالفون الشرع، والشرع قد نهى عن إضاعة المال، وقوله: غشيني نور الولاية، فهذه حكاية مصنوعة وحديث فارغ، ومثل هذه الحكاية لا يغتر بها من شم رائحة العلم، إنما يغتر بها الجهال الذين لا بصيرة لهم.
أخبرنا محمد بن ناصر، قال: نا السهلكي، قال: سمعت محمد بن علي الواعظ، قال: وفيما أفادني بعض الصوفية حاكيا عن الجنيد، قال: قال أبو موسى الديبلي: دخلت على أبي يزيد فإذا بين يديه ماء واقف يضطرب، فقال لي: تعال، ثم قال: إن رجلا سألني عن الحياء فتكلمت عليه بشيء من علم الحياء، فدار دورانا حتى صار كذا كما ترى وذاب. قال الجنيد: وقال أحمد بن حضرويه: بقي منه قطعة كقطعة جوهر فاتخذت منه فصا فكلما تكلمت بكلام القوم أو سمعت من كلام القوم يذوب ذلك الفص حتى لم يبق منه شيء.
قلت: وهذه من المحالة القبيحة التي وضعها الجهال، ولولا أن الجهالة يروونها مسندة فيظنونها شيئا لكان الأضراب عن ذكرها أولى.
أنبأنا أبو بكر بن حبيب، قال: نا ابن أبي صادق، قال: ثنا ابن باكويه، قال: ثنا أبو حنيفة البغدادي، قال: ثنا عبد العزيز البغداد، قال: كنت أنظر في حكايات الصوفية، فصعدت يوما السطح فسمعت قائلا يقول:«وهو يتولى الصالحين» ﴿الأعراف: ١٩٦﴾ فالتفت فلم أر شيئا، فطرحت نفسي من السطح فوقفت في الهواء.
قال المصنف ﵀: هذا كذب محال لا يشك فيه عاقل، فلو قدرنا صحته فإن طرح نفسه من السطح حرام، وظنه أن الله يتولى من فعل.