للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: قد سبق في ذكر المرقعات وصف هذه المرقعة التي لأبن الكريتي، وأنه وزن أحد كميها فكان فيه أحد عشر رطلا، وإنما ذكر هذا للناس ليبين أني فعلت الحسن الجميل … وحكوه عنه ليبين فضله، وذلك جهل محض، لأن هذا الرجل عصى الله بما فعل. وإنما يعجب هذا الفعل العوام الحمقى لا العلماء ولا يجوز لأحد أن يعاقب نفسه، فقد جمع هذا المسكين لنفسه فنونا من التعذيب: القاؤها في الماء البارد، و كونه في مرقعة لا يمكنه الحركة فيها كما يريد، ولعله قد بقي من مغابنه (١) ما لم يصل إليه الماء لكثافة هذه المرقعة، وبقاءها عليه مبتلة شهرا، وذلك يمنعه لذة النوم. وكل هذا الفعل خطأ وأثم وربما كان ذلك سببا لمرضه أو قتله.

أخبرنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي، قالا: أخبرنا حمد بن أحمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: كانت أم علي زوجة أحمد بن حضرويه قد أخلت زوجها أحمد من صداقها على أن يزور بها أبا يزيد البسطامي، فحملها إليه فدخلت عليه وقعدت بين يديه مسفرة عن وجهها، فلما قال لها أحمد: رأيت منك عجبا، أسفرت عن وجهك بين يدي أبي يزيد، قالت: لأني لما نظرت إليه فقدت حظوظ نفسي، وكلما نظرت إليك رجعت إلى حظوظ نفس، فلما اراد أحمد الخروج من عند أبي يزيد قال له: أوصني، قال: تعلم الفتوة من زوجتك.

أخبرنا أبو بكر بن حبيب، نا أبو سعد بن أبي صادق، نا بن باكويه سمعت أبا بكر الفازي - وفاز قرية بطرسوس سمعت أبا بكر السباك، سمعت يوسف بن الحسين يقول: كان بين أحمد بن أبي الحواري وبين أبي سليمان عقد أن لا يخالفه في شيء يأمره به، فجاءه يوما وهو يتكلم في المجلس، فقال: إن التنور قد سجرناه (٢) فما تأمرنا فما أجابه، فأعاد مرة أو مرتين، فقال له فى الثالثة: أذهب واقعد فيه، ففعل ذلك فقال أبو سليمان: ألحقوه فإن بيني وبينه عقدا أن لا يخالفني في شيء آمره به، فقام وقاموا معه، فجاؤا إلى التنور فوجدوه قاعدا في وسطه، فأخذ بيده وأقامه فما أصابه خدش.

قال المصنف : هذه الحكاية بعيدة الصحة، ولو صحت كان


(١) المغبن: الابط، وكل مطوي من الجسد.
(٢) سجر التنور: ملأه وقودا وأحماه.

<<  <   >  >>