للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبات القلت: لولا أن هذا الرجل قد نسب إلى التغير (١) لكان ينبغي أن يرد عليه. وأين الخضر، ومن أين له أن الملائكة تستحسن قوله. وكم من قول معيب لم يعاجل صاحبه بالعقوبة. وقد بلغني عن ميمون عبده، قال: بلغني عن سمنون المحب أنه كان يسمي نفسه الكذاب بسبب أبياته التي قال فيها:

وليس لى في سواك حظ … فكيفما شئت فامتحني

فابتلي بحبس البول فلم يقر له قرار (٢)، فكان بعد ذلك يطوف على المكاتب وبيده قارورة يقطر منها بوله، ويقول للصبيان: ادعو لعمكم الكذاب

قال المصنف : إنه ليقشعر جلدى من هذه، أتراه علام يتقاوى؟ وإنما هذه ثمرة الجهل بالله ولو عرفه لم يسأله إلا العافية. وقد قال: من عرف الله كل لسانه.

أخبرنا أبو بكر بن حبيب، نا أبو سعد بن أبي صادق، نا ابن باكويه، قال: سمعت محمد بن داود الجوزجاني يقول: سمعت أبا العباس بن عطاء، يقول: كنت أرد هذه الكرامات، حتى حدثني الثقة عن أبي الحسين النوري وسألته فقال: كذا كان. قال: كنا في سميرية (٣) في دجلة، فقالوا لأبي الحسين: أخرج لنا من دجلة سمكة فيها ثلاثة أرطال وثلاث أواقي، فحرك شفتيه، فإذا سمكة فيها ثلاثة أرطال وثلاث أواقي ظهرت من الماء حتى وقعت في السميرية، فقيل لأبي الحسين: سألناك بالله إلا أخبرتنا بماذا دعوت؟ فقال: قلت: وعزتك لئن لم تخرج من الماء حوتا فيها ثلاثة أرطال وثلاث أواقي لأغرقن نفسي في دجلة.

أخبرنا أبو منصور القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، قال: أخبرني عبد الصمد بن محمد الخطيب، ثنا الحسن بن الحسين الهمداني، قال: سمعت جعفرا الخلدى، يقول: سمعت الجنيد، يقول: سمعت النوري يقول: كنت بالرقة فجاءني المريدون الذين كانوا بها، وقالوا: نخرج ونصطاد السمك، فقالوا لي: يا أبا الحسين هات من عبادتك واجتهادك وما أنت


(١) من تغير اذا تبدل وتحول. ويقصد التغير في عقله.
(٢) أي لم يهدأ.
(٣) نسبة الى السمر، ولعله مركب كانوا يركبونه ليلا فيسمرون فيه.

<<  <   >  >>