للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجل المؤذن أغار عليه أن يذكر الله وهو غافل ويأخذ عليه الأجرة، ولولاها ما أذن فلذلك قلت: طعنه (١). والكلب يذكر الله ﷿ بلا رياء فإنه قد قال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يسبح بحمده﴾ (الاسراء: ٤٤).

قال المصنف : أنظروا إخواني عصمنا الله وإياكم من الزلل إلى هذا الفقه الدقيق والاستنباط الطريف.

أخبرنا أبو بكر بن حبيب، نا أبو سعد بن اب صادق، نا ابن باكوبه، ثنا أبو يعقوب الخراط، نا النوري أنه رأى رجلا قابضا على لحية نفسه، قال: فقلت له: نحى يدك عن لحية الله، فرفع ذلك إلى الخليفة، فطلبت وأخذت، فلما دخلت عليه، فقال: بلغني أنه نبح كلب فقلت: لبيك ونادى المؤذن فقلت: طعنه (١)، قال: نعم، قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾، فقلت: لبيك لأنه ذكر الله. فأما المؤذن فإنه يذكر الله وهو متلوث بالمعاصي غافل عن الله تعالى، قال: وقولك للرجل: نح يدك عن لحية الله؟! قلت: نعم، أليس العبد لله ولحيته لله وكل ما في الدنيا والآخرة له؟

قلت: عدم العلم أوقع هؤلاء في هذا التخبيط وما الذي أحوجه إلى أن يوهم أن صفة الملك صفة الذات.

أخبرنا ابن حبيب، قال: نا ابن اب صادق، نا ابن باكويه، قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: سمعت الشبلي يقول وقد سئل عن المعرفة فقال: ويحك ما عرف الله من قال: الله، والله لو عرفوه ما قالوه. قال ابن باكويه: وسمعت أبا القاسم أحمد بن يوسف البرداني يقول: سمعت الشبلي يقول يوما لرجل يسأله: ما اسمك؟ قال: آدم، قال: ويلك أتدري ما صنع آدم؟ باع ربه بلقمة، ثم كان يقول: سبحان من عذرني (٢) بالسوداء.

قال ابن باكويه وسمعت بكران بن أحمد الجيلي يقول: كان للشبلي جليس فأعلمه أنه يريد التوبة، فقال: بع مالك، واقض دينك، وطلق امرأتك ففعل، فقال: أيتم أولادك بأن تؤيسهم (٣) من التعلق بك.


(١) أي طعنه سم الموت.
(٢) عذره: رفع اللوم عنه وقيل عذره بسبب مرض السوداء، وهو الماليخوليا.
(٣) أي تصيرهم ييأسون ويقطعون رجاءهم.

<<  <   >  >>