للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسربلت للحرب ثوب الغرق … وجبت البلاد لوجد القلق

ففيك هتكت قناع الغوى (١) … وعنك نطقت لدى من نطق

إذا خاطبوني بعلم الورق … برزت عليهم بعلم الخرق

قال المصنف : قلت: من أكبر المعاندة لله ﷿ الصد عن سبيل الله، وأوضح سبيل الله العلم، لأنه دليل على الله وبيان لأحكام الله وشرعه، وإيضاح لما يحبه ويكرهه، فالمنع منه معاداة لله ولشرعه، ولكن الناهين عن ذلك ما تفطنوا لما فعلوا.

أخبرنا ابن حبيب، قال: نا ابن اب صادق، نا ابن باكويه، قال: سمعت أبا عبد الله بن خفيف: يقول: اشتغلوا بتعلم العلم ولا يغرنكم كلام الصوفية، فاني كنت أخبئ محبرتي في جيب مرقعتي، والكاغد (٢) في حزة (٣) سراويلي، وكنت أذهب خفية إلى أهل العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا تفلح، ثم احتاجوا إلي بعد ذلك.

وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يرى المحابر بأيدي طلبة العلم فيقول: هذه سرج الإسلام. وكان هو يحمل المحبرة على كبر سنه، فقال له رجل: الى متى يا أبا عبد الله؟! فقال: المحبرة إلى المقبرة، وقال في قوله : «لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة» (٤)، فقال أحمد: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم. وقال أيضا: إن لم يكن أصحاب الحديث الأبدال (٥) فمن يكون؟ وقيل له: أن رجلا قال في أصحاب الحديث: أنهم كانوا قوم سوء، فقال أحمد: هو زندق زندق.

وقد قال الإمام الشافعي : إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب رسول الله .


(١) في نسخة: ففيك قناع العزاء هتكت.
(٢) الكاغد: القرطاس.
(٣) اي في ثناياها.
(٤) متفق عليه من حديث المغيرة ولفظه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون».
(٥) حديث الابدال وانهم ثلاثون رجلا قلوبهم على قلب ابراهيم خليل الرحمن كلما مات رجل ابدل الله مكانه رجلا. رواه أحمد وغيره وقال انه منكر.

<<  <   >  >>