للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وابيضَّتْ عيناه من الحزن فهو كظيم» ﴿يوسف: ٨٤﴾. وقال: «يا أسفا عَلَى يُوسُفَ». وبكى رسول الله عند موت ولده، وقال: «إن العين لتدمع» (١). وقال: «واكرباه (٢)»، وقالت فاطمة : وأكرب أبتاه، فلم ينكر وسمع عمر بن الخطاب متمما يندب أخاه ويقول:

و كنا كندماني (٣) جزيمة حقبة … من الدهر حتى قيل لن يتصدع

فقال عمر : ليتني كنت أقول الشعر فأندب أخي زيدا، فقال متمم: لو مات أخي كما مات أخوك ما رثيته. وكان مالك مات على الكفر وزيد قتل شهيدا فقال عمر: ما عزاني أحد في أخي كمثل تعزيتك. ثم لا تزال الإبل الغليظة الأكباد تحن إلى مآلفها من الأعطان (٤) والأشخاص وترغو (٥) للفصلان. وحمام الطير ترجع (٦). وكل مأخوذ من البلاء فلا بد أن يتضرع، ومن لم تحركه المسار والمطربات وتزعجه المخزيات فهو إلى الجماد به أقرب. وقد أبان النبي عن العيب في الخروج عن وسمت الطبع، فقال للذي قال: لم أقبل أحدا من ولدي - وكان له عشرة من الولد - فقال: «أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك (٧)». وجعل


(١) متفق عليه.
(٢) لم أجده هكذا وانما في «الشمائل» للترمذي عن أنس بن مالك قال: لما وجد رسول الله من كرب الموت ما وجد قالت فاطمة رضي الله تعالى عنها: واكرباه فقال النبي : لاكرب على أبيك بعد اليوم، انه قد حضر من أبيك ما ليس بتارك منه أحدا، الموافاة يوم القيامة».
(٣) الندمان: المنادم على السراب.
(٤) العطن: مبرك الإبل ومثله المعطن وجمعه معاطن.
(٥) رغا البعير: صوت وضج.
(٦) تردد الصوت.
(٧) روى مسلم عن أبي هريرة أن الأقرع بن حابس ابصر النبي وهو يقبل الحسن فقال: ان لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال رسول الله : «ان من لا يرحم لا يرحم».
اما الحديث الذي أورده المصنف فهو من المتفق عليه عن عائشة قالت: جاء أعرابي إلى النبي فقال: اتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم فقال النبي : «او أملك لك انه نزع الله من قلبك الرحمة».
وقد خلط المصنف بين الحديثين فليس في الحديث الثاني أن الرجل كان له عشرة من الولد.

<<  <   >  >>