للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنبي ينظر اليهم. فالجواب: أما الحجل فهو نوع من المشي يفعل عند الفرح فأين هو من الرقص، وكذلك زفن الحبشة نوع من المشي بتشبيب يفعل عند اللقاء بالحرب.

واحتج لهم أبو عبد الرحمن السلمي على جواز الرقص بما أخبرنا به أبو نصر محمد بن منصور الهمدان، نا إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك المؤذن، نا أبو صالح أحمد بن عبد الملك وأبو سعيد محمد بن عبد العزيز وأبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن، قالوا: ثنا أبو عبد الرحمن السلمي، ثنا أبو العباس أحمد بن سعيد المعداني، ثنا محمد بن سعيد المروزي، ثنا عباس الرقيقي، ثنا عبد الله بن عمر الوراق، ثنا الحسن بن علي بن منصور، ثنا أبو عتاب المصري عن إبراهيم بن محمد الشافعي أن سعيد بن المسيب مر في بعض ازقة مكة فسمع الاخصر الحداء يتغنى في دار العاص بن وائل بهذا:

تضوع مسكا بطن نعمان (١) أن مشت … به زينب في نسوة عطرات

فلما رأت ركب النميري (٢) أعرضت … وهن من أن يلقينه حذرات

قال: فضرب برجله الأرض زمانا، وقال: هذا مما يلذ سماعه. وكانوا يروون الشعر لسعيد بن المسيب.

قال المصنف : قلت: هذا إسناده مقطوع مظلم لا يصح عن ابن المسيب، ولا هذا شعره. كان ابن المسيب أوقر من هذا، وهذه الأبيات مشهورة لمحمد بن عبد الله بن نمير النميري الشاعر ولم يكن نمريا، وإنما نسب إلى اسم جده وهو ثقفي، وزينب التي يشبب بها هى بنت يوسف أخت الحجاج. وسأله عبد الملك بن مروان عن الركب ما كان، فقال: كانت أحمرة عجافا (٣) حملت عليها قطرانا من الطائف، فضحك وأمر الحجاج أن لا يؤذيه.

قال المصنف : ثم لو قدرنا أن ابن المسيب ضرب برجله الأرض فليس في ذلك حجة على جواز الرقص، فإن الإنسان قد يضرب الأرض برجله أو يدقها بيده لشيء يسمعه ولا يسمى ذلك رقصا. فما أقبح هذا التعلق وأين ضرب الأرض بالقدم مرة أو مرتين من رقصهم الذي يخرجون به عن سمت العقلاء ثم دعونا من الاحتجاج تعالوا نتقاضى إلى العقول أي معنى.


(١) اسم جبل أو واد.
(٢) أي الشاعر النميري.
(٣) أي حمير هزيلة.

<<  <   >  >>