للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أنبأنا أبو زرعة بن محمد بن طاهر عن أبيه، قال أخبرنا أبو محمد التميمي قال: سألت الشريف أبا علي بن أبي موسى الهاشمي عن السماع، فقال: ما أدري ما أقول فيه غير أني حضرت ذات يوم شيخنا أبا الحسن عبد العزيز بن الحارث التميمي سنة سبعين وثلاثمائة في دعوة عملها لأصحابه، حضرها أبو بكر الأبهري شيخ المالكيين وأبو القاسم الدار كي شيخ الشافعيين وأبو الحسن طاهر بن الحسين شيخ أصحاب الحديث وأبو الحسين ابن سمعون شيخ الوعاظ والزهاد وأبو عبد الله بن مجاهد شيخ المتكلمين وصاحبه أبو بكر بن الباقلاني في دار شيخنا أبي الحسن التميمي شيخ الحنابلة، فقال أبو علي: لو سقط السقف عليهم لم يبق بالعراق من يفتي في حادثة بسنة ومعهم أبو عبد الله غلام، وكان يقرأ القرآن بصوت حسن فقيل له: قل شيئا فقال: وهم يسمعون:

خطت أناملها في بطن قرطاس … رسالة بعبير لا بأنفاس

أن زرفديتك قف لي غير محتشم … فإن حبك لي قد شاع في الناس

فكان قولي لمن أدى رسالتها … قف لى لا مشى على العينين والراس

قال أبو على: فبعد ما رأيت هذا لا يمكنني أن أفتي في هذه المسألة بحظر ولا إباحة.

قال المصنف : وهذه الحكاية إن صدق فيها محمد بن طاهر فإن شيخنا ابن ناصر الحافظ كان يقول: ليس محمد بن طاهر بثقة، حملت هذه الأبيات على أنه أنشدها لا أنه غنى بها بقضيب ومخدة (١)، إذ لو كان كذلك لذكره، ثم فيها كلام مجمل. قوله لا يمكنني أن أقول فيها بحظر ولا اباحة، لانه إن كان مقلدا لهم فينبغي أن يفتي بالإباحة، وإن كان ينظر في الدليل فيلزمه مع حضورهم أن يفتي بالحظر، ثم بتقدير صحتها أفلا يكون إتباع المذهب أولى من إتباع أرباب المذاهب. وقد ذكرنا عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رضوان الله عليهم أجمعين ما يكفي في هذا وشيدنا (٢) ذلك بالأدلة.

وقال ابن طاهر في كتابه: باب اكرامهم للقوال وافرادهم الموضع له، واحتج بأ النبي رمى بردة كانت عليه إلى كعب بن زهير لما أنشده بانت سعاد (٣). وإنما ذكرت هذا ليعرف قدر فقه هذا


(١) آلة طرب
(٢) يقصد: أيدنا
(٣) قصة اسلام كعب أوردها الحاكم في المستدرك وليس فيها ان الرسول رمى ببردته الى كعب.

<<  <   >  >>