للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القمر (١)» فشبه أيضا الرؤية بإيضاح الرؤية، وإن كان وقع الفرق بأن القمر في جهة يحيط به نظر الناظر والحق منزه عن ذلك. والفقهاء يقولون في ماء الوضوء: لا تنشف الأعضاء منه لأنه أثر عبادة فلا يسن مسحه كدم الشهيد. فقد جمعوا بينهما من جهة اتفاقهما في كونهما عبادة، وإن افترقا في الطهار والنجاسة (٢). واستدلال ابن طاهر بأن القياس لا يكون إلا على مباح فقه الصوفية لاعلم الفقهاء. وأما قوله يتغنى بالقرآن فقد فسره سفيان ابن عيينة، فقال: معناه يستغني به، وفسره الشافعي فقال: معناه يتحزن به ويترنم، وقال غيرهما: يجعله مكان غناء الركبان إذا ساروا. وأما الضرب بالدف فقد كان جماعة من التابعين يكسرون الدفوف وما كانت هكذا - فكيف لو رأوا هذه - وكان الحسن البصري يقول: ليس الدف من سنة المرسلين في شيء. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام من ذهب به إلى الصوفية فهو خطأ في التأويل على رسول الله ، وإنما معناه عندنا إعلان النكاح واضطراب الصوت به والذكر في الناس.

قال المصنف : قلت: ولو حمل على الدف حقيقة على أنه قد قال أحمد بن حنبل: أرجو أن لا يكون بالدف بأس في العرس ونحوه وأكره الطبل.

أخبرنا عبد الله بن علي المقري، نا نصر بن أحمد بن النضر، نا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله المؤدب، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة، ثنا عمر بن مرزوق، ثنا زهير عن أبي اسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، قال: طلبت ثابت بن سعد وكان بدريا فوجدته في عرس له، قال: وإذا جوار يغنين ويضربن بالدفوف، فقلت: ألا تنهي عن هذا، قال: لا، إن رسول الله رخص لنا في هذا (٣) أخبرنا عبد الله بن علي، نا جدي أبو منصور محمد بن أحمد الخياط، نا


(١) رواه الجماعة عن جرير بن عبد الله.
(٢) يفهم من ذلك ان دم الشهيد نجس، وليس كذلك. فالدم محرم شربه لا أنه نجس ينقض الوضوء الا دم الحيض.
(٣) ورواه النسائي باسناد صحيح عن عامر بن سعد، قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الانصاري في عرس، واذا جوار يغنين، فقلت: أي صاحبي رسول الله وأهل بدر يفعل هذا عندكم؟ فقالوا: اجلس ان شئت فاسمع معنا، وإن شئت فاذهب فانه قد رخص لنا في اللهو عند العرس.

<<  <   >  >>