للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة بالمخالفة وتوجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان. فان ابتدع شيء لا يخالف الشريعة ولا يوجب التعاطي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا حفظا للأصل وهو الاتباع.

وقد قال زيد بن ثابت لأبي بكر وعمر حين قالا له: اجمع القرآن، كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله ؟.

وأخبرنا محمد بن علي بن أبي عمر، قال: أخبرنا علي بن الحسين، نا ابن شاذان، نا أبو سهل، نا أحمد البرني، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن عبد الله بن أبي سلمة، أن سعد بن مالك سمع رجلا يقول: «لبيك ذا المعارج» فقال: «ما كنا نقول هذا على عهد رسول الله ».

وأخبرنا محمد بن أبي القاسم بإسناد يرفعه إلى أبي البحتري. قال: أخبر رجل عبد الله بن مسعود أن قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول: كبروا الله كذا وكذا وسبحوا الله كذا وكذا واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبد الله: فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم فأتاهم فجلس فلما سمع ما يقولون، قام فأتى ابن مسعود فجاء - وكان رجلا حديداً (١).


(١) أي ذا حدة. والقصة أوردها الدارمي في سننه عن عمرو بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن ابيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فاذا خرج مشينا معه الى المسجد فجاءنا أبو موسى الاشعري فقال: اخرج اليكم ابو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا اليه جميعا فقال له ابو موسى: يا أبا عبد الرحمن اني رأيت في المسجد آنفا أمرا انكرته ولم أر والحمد لله الا خيرا. قال: فما هو؟ فقال: ان عشت فستراه قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينظرون الصلاة في كل حلقة رجل، وفي ايديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة. فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار امرك. قال: أفلا أمرتهم ان يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم ان لا يضيع من حسناتهم.
ثم مضى ومضينا حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدوا سيئاتكم فانا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل: وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده انكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد او مفتتحو باب ضلاله؟

<<  <   >  >>