للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرض. قال الخلال: وأخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة، ثنا اسحاق بن داود بن صبيح، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي يا أبا سعيد إن يبلدنا قوما من هؤلاء الصوفية، فقال: لا تقرب هؤلاء فإنا قد رأينا من هؤلاء قوما أخرجهم الأمر إلى الجنون، وبعضهم أخرجهم إلى الزندقة، ثم قال: خرج سفيان الثوري في سفر فشيعته وكان معه سفرة فيها فالوذج وكان فيها حمل قال الخلال: وأخبرني المروزي، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وقال له رجل: إني منذ خمس عشرة سنة قد ولع بي إبليس، وربما وجدت وسوسة أتفكر في الله ﷿، فقال: لعلك كنت تدمن الصوم، أفطر وكل دسما وجالس القصاص.

قال المصنف : وفي هؤلاء القوم من يتناول المطاعم الرديئة ويهجر الدسم فيجتمع في معدته أخلاط فجة فتغتذى المعدة منها مدة، لأن المعدة لا بد لها من شيء تهضمه، فإذا هضمت ما عندها من الطعام ولم تجد شيئا تناولت الاخلاط فهضمتها وجعلتها غذاء، وذلك الغذاء الردئ يخرج إلى الوساوس والجنون وسوء الأخلاق. وهؤلاء المتقللون يتناولون مع التقليل أردأ المأكولات فتكثر أخلاطهم فتشتغل المعدة بهضم الأخلاط. ويتفق لهم تعود التقلل بالتدريج فتضيق المعدة فيمكنهم الصبر عن الطعام أياما. ويعينهم على هذا قوة الشباب فيعتقدون الصبر عن الطعام كرامة، وإنما السبب ما عرفتك.

وقد أنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم، قال: حدثني أبي، قال: كانت امرأة قد طعنت في السن فسئلت عن حالها، فقالت: كنت في حال الشباب أجد من نفسي أحوالا أظنها قوة الحال، فلما كبرت زالت عني، فعلمت أن ذلك كان قوة الشباب فتوهمتها أحوالا، قال: سمعت أبا علي الدقاق يقول: ما سمع أحد هذه الحكاية من الشيوخ إلا رق لهذه العجوز، وقال: أنها كانت منصفة.

وقال المصنف: فإن قيل: كيف تمنعون من التقلل وقد رويتم أن عمر كان يأكل كل يوم احدى عشرة (١) لقمة، وإن ابن الزبير كان يبقى أسبوعا لا يأكل (٢)، وان ابراهيم التيمي بقي شهرين، قلنا: قد يجري للانسان من هذا الفن في بعض الأوقات غير أنه لا يدوم عليه، ولا


(١) و (٢) لم أجد لها سندا.

<<  <   >  >>