للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبلي حين احتج بهذه الآية، وقلة فهم ابن مجاهد حين سكت عن جوابه وذلك أن قوله: «فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ» لأنه لا يجوز أن ينسب إلى نبي معصوم أنه فعل الفساد. والمفسرون قد اختلفوا في معنى الآية. فمنهم من قال: مسح على أعناقها وسوقها. وقال: أنت في سبيل الله، فهذا إصلاح. ومنهم من قال: عقرها، وذبح الخيل وأكل لحمها جائز فما فعل شيئا فيه جناح. فأما إفساد ثوب صحيح لا لغرض صحيح فإنه لا يجوز ومن الجائز أن يكون في شريعة سليمان جواز ما فعل ولا يكون في شرعنا.

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر، ثنا علي بن الحسن بن جحاف الدمشقي، قال أبو عبد الله أحمد بن عطاء: كان مذهب أبي علي الروزباري تخريق أكمامه وتفتيق قميصه، قال: فكان يخرق الثوب المثمن (١) فيرتدي بنصفه ويأتزر بنصفه حتى أنه دخل الحمام يوما وعليه ثوب ولم يكن مع أصحابه ما يأتزرون به، فقطعه على عددهم فاتزروا به، وتقدم إليهم أن يدفعوا الخرق إذا خرجوا للحمامي. قال ابن عطاء: قال لي أبو سعيد الكازروني: كنت معه في هذا اليوم، وكان الرداء الذي قطعه يقوم بنحو ثلاثين دينارا.

قال المصنف : ونظير هذا التفريط ما أنبأنا به زاهر بن طاهر، قال أنبأنا أبو بكر البيهقي، نا أبو عبد الله الحاكم، قال: سمعت عبد الله بن يوسف يقول: سمعت أبا الحسن البوشنجي، يقول: كانت لي قبجة (٢) طلبت بمائة درهم فحضرنى ليلة غريبان، فقلت للوالدة: عندك شيء لضيفي؟ قالت: لا، الا الخبز. فذبحت القبة وقدمتها إليهما.

قال المصنف : قد كان يمكنه أن يستقرض ثم يبيعها ويعطي فلقد فرط.

أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد، قال: أنبأنا رزق الله بن عبد الوهاب قال: أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت جدى يقول: دخل ابو الحسين الدراج البغدادي الري، وكان يحتاج إلى لفاف لرجله فدفع اليه رجل منديلا دبيقيا (٣)، فشقه نصفين وتلفف به، فقيل له: لو بعته واشتريت منه لفافا وأنفقت الباقي، فقال : أنا لا أخون المذهب.


(١) المثمن: الذي قدر ثمنه، ويقصد الثوب الثمين.
(٢) القبجة: وأحد القبح للذكر والانثى، وهو الحجل: طائر معروف
(٣) بلدة بمصر ينتسب. اليها الثياب الدبيقية.

<<  <   >  >>