للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد صح عن رسول الله أنه نهى عن إضاعة المال (١). وقال لسعد: «لأن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس» (٢). وقال: «ما نفعني مال كمال أبي بكر» (٣). والحديث بإسناد مرفوع عن عمرو بن العاص قال: بعث إلي رسول الله فقال: «خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني»، فأتيته فقال: «إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة»، فقلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، فقال: «يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح» (٤). والحديث بإسناد عن أنس بن مالك، أن رسول الله دعا له بكل خير، وكان في آخر دعائه أن قال: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له» (٥) وبإسناد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن عبيد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديث توبته. قال: فقلت: يا رسول الله أن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ﷿ وإلى رسوله فقال: «أمسك بعض مالك فهو خير لك» (٦).

قال المصنف: فهذه الأحاديث مخرجة في الصحاح وهي على خلاف ما تعتقده المتصوفة من أن إكثار المال حجاب وعقوبة. وأن حبسه ينافي التوكل. ولا ينكر أنه يخاف من فتنته وان خلقا كثيرا اجتنبوه لخوف ذلك، وأن جمعه من وجهة يعز وسلامة القلب من الافتتان به يبعد، واشتغال القلب مع وجوده بذكر الآخرة يندر. ولهذا خيف فتنته فأما كسب المال فان من اقتصر على كسب البلغة (٧) من حلها فذلك أمر لا بد منه. وأما من


(١) في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال".
(٢) متفق عليه، ولفظه: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء".
(٣) رواه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة وصححه المناوي في فيض القدير وفي صحيح مسلم "إن من أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر".
(٤) رواه أحمد وإسناده صحيح.
(٥) في الصحيحين وغيرهما عن أم سليم أنها " قالت: يا رسول الله خادمك أنس ادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته".
(٦) متفق عليه.
(٧) البلغة: ما يكفي من العيش.

<<  <   >  >>