للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول (١)». قالوا: أنت سمعت هذا من أبيك تحدثه عن رسول الله؟ قال: نعم فقدموه إلى شفير النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك (٢) نعل. وبقروا بطن أم ولده عما في بطنها وكانت حبلى، ونزلوا تحت نخل مواقير بنهروان فسقطت رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فيه. فقال أحدهم: أخذتها بغير حدها (٣) وبغير ثمنها فلفظها من فيه واخترط أحدهم سيفه فأخذ يهزه فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه به يجربه فيه، فقالوا: هذا فساد في الأرض، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه في ثمنه. قال: فبعث إليهم علي أخرجوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب، فقالوا: كلنا قتلة فناداهم ثلاثا كل ذلك يقولون هذا القول فقال علي لأصحابه: دونكم القوم فما لبثوا أن قتلوهم، وكان وقت القتال يقول بعضهم لبعض: تهيأ للقاء الرب الرواح الرواح إلى الجنة! وخرج على علي بعدهم جماعة منهم فبعث إليهم من قاتلهم، ثم اجتمع عبد الرحمن بن ملجم بأصحابه وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم، وقالوا: والله ما قنعنا بالبقاء في الدنيا شيء بعد إخواننا الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو أنا شرينا (٤) أنفسنا لله والتمسنا غير هؤلاء الأئمة الضلال فثأرنا بهم (٥) إخواننا وأرحنا منهم العباد.

أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزار، نا أبو محمد الجوهري، نا ابن حياة، نا أبو الحسن بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد عن أشياخ له فقالوا: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا لنقلتن هؤلاء الثلاثة عليا ومعاوية وعمرو بن العاص ونريح العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو: أنا لكم بعمرو، فتواثقوا لا ينقض رجل منهم رجلا عن صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة


(١) في «الصحيحين» عن ابي هريرة مرفوعا: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد ملجأ او معاذا فليعذ به» ومعنى تشرف لها: تعرض لها. أما حديث: كن عبد الله المنقول فقد ورد من طرق تقوي بعضها بعضا.
(٢) شراك النعل: سيره
(٣) لعلها: بغير حقها
(٤) أي بعنا
(٥) ثأر القتيل: قتل قاتله

<<  <   >  >>