تتصل بالنظام السياسى المملوكى لا يمكن أن يجدها الباحث فى أى مصدر تاريخى سواه، فمن بين الوظائف التى ذكرها المؤلف، وكان يشغلها الأتراك الذين كانت تعج بهم دواوين الدولة: الحسبة والولاية والجمدارية والخاصكية والوزارة والأستادارية وإمرة المجلس وإمرة السلاح والخازندارية الكبرى ووكالة بيت المال والأتابكية والنظر فى الخزينة والنظر فى الجيش والنظر فى الكسوة والنظر فى الأسطبل وكتابة السر والزردكاشية الكبرى والرأس نوبة الكبرى وولاية الشرطة وشادية الشرابخانة ورأس نوبة الثانية وأمير أخور ثانى والدوادارية ومقدم ألف ومشير مملكة وغيرها من الوظائف التى تحمل أسماء وألقابا فارسية وتركية ومغولية.
أما الوظائف التى ذكرها ابن إياس وكان يشغلها مصريون فهى الوظائف التى تتصل بالدين والشريعة منها: النظر فى الأوقاف والقضاء، وكان للمسلمين فى مصر فى عصر المماليك: أربعة قضاة على أربعة مذاهب سنية وخطباء المساجد والأئمة وشيوخ الربط والمدارس وغيرها من الوظائف التى لها علاقة بأمور الأفراد الدينية.
وعن الأحوال الاقتصادية فى مصر فى عصر المماليك كتب ابن إياس فى كثير من يومياته عن مظاهر هذه الأحوال فأشار إلى مما كانت تسببه الكوارث الطبيعية من أضرار اقتصادية ويحتل منسوب نهر النيل أهمية بالغة فى حوليات المؤرخ ومدى تأثيره فى أسعار المحاصيل كما أشار المؤلف إلى التعامل النقدى وإلى أنواع المسكوكات وقيمة كل نوع منها تبعا للحالة الاقتصادية فى البلاد وذكر عمليات تزييف النقود وأضرارها وموقف السلطة من القائمين بأمرها، كذلك ذكر فى مواضع متعددة أنواع الضرائب التى كان يفرضها الحكام على المواطنين والأساليب اللا إنسانية التى كان يلجأ إليها موظفو الحكومة لاستيفائها.
وحول الأحوال الاجتماعية فى مصر فكتب ابن إياس عن الأعياد والمواسم والحفلات الشعبية ومواكب الخلفاء والسلاطين والأمراء واستقبال سفراء الدول وما يرتبط بذلك من خلع وهدايا ورسائل. ولم يخل تاريخ ابن إياس من الإشارة - وفى مواضع كثيرة من كتابه الكبير - إلى ظواهر الطبيعة: كالجفاف وهبوب الرياح وسقوط الأمطار وانخفاض وارتفاع درجة الحرارة أو إلى الخسوف والكسوف وغيرها من الظواهر أو إلى ما أنشئ من محال ومبان ومساجد وربط ومدارس وقباب ومدافن أو الإشارة إلى أخبار العلماء والأدباء والشعراء والأعيان وتراجم من توفى منهم.