للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ممن أصيب فى عقله، وذلك أنه استقر بالأمير طشتمر حمص أحضر فى نيابة السلطنة بمصر، وكان هو من جملة من تعصب له فى السلطنة، وحضر معه لما أتى من الكرك وكان يومئذ نائب حلب فلما حضر معه استقر به نائب السلطنة بمصر فأقام بها نحو أربعين ومن ثم قبض عليه.

وكان لما قدم إلى الديار المصرية استقر بالأمير قطلوبغا الفخرى فى نيابة دمشق عوضا عن الطنبغا فلما قبض على الأمير طشتمر أرسل فى القبض على قطلوبغا وهو فى أثناء الطريق.

ثم إن الناصر أحمد لم يستقم أمره فى السلطنة فاختار عوده إلى الكرك فلما كان يوم الاثنين سلخ ذى القعدة خرج السلطان من مصر فى طائفة يسيرة من العسكر قاصدا إلى الكرك واخذ معه من الأموال والتحف أشياء كبيرة وأخذ صحبته الأمير طشتمر حمص أحضر فى محفة وهو مقيد ثم أحضر الأمير قطلوبغا فى أثناء الطريق.

فلما دخل إلى الكرك اعتقل بها الأمير طشتمر والأمير قطلوبغا الفخرى وكانا سببا لسلطنته ولما دخل إلى الكرك أقام بها.

[ثم دخلت سنة ثلاث وأربعون وسبعمائة]

وهو مقيم بالكرك فكاتبوه الأمراء الذين بالديار المصرية بأن يحضر من الكرك فإن مصالح الرعية ضائعة والأحوال غير صالحة فعاد إليهم الجواب من السلطان إلى مقيم بالكرك إلى أن يمضى النساء وبعد ذلك يحضر إلى القاهرة، فلما استقر الملك الناصر أحمد بالكرك بدا له أن يقتل الأمير طشتمر حمص احضر هو والأمير قطلوبغا الفخرى فوسطهما بالكرك. وفى طشتمر يقول العماد الأديب:

حنفت بالملك لما أتاك بالبسط ما جن … وقد امنت الليالى با حمص احضروا دجن

فلما فعل الناصر أحمد ذلك فنفرت منه القلوب ولم يستحسن أحد من الناس منه هذه الفعلة القبيحة لأنهما كانا سببا فى سلطنته وقد قتلهما بغير ذنب ولا موجب لذلك فكان كما قيل:

ما تفعل الأعداء فى جاهل … ما يفعل الجاهل فى نفسه

فما بلغ الأمراء الذين بالقاهرة ما فعله الناصر أحمد اتفق رأيهم على خلعه وسلطنة أخيه إسماعيل، فخلع من السلطنة فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية إلى أن خلع وهو بالكرك شهرين واثنى عشر يوما فكان كما قيل القائل فى المعنى.

فلم نقم إلا بمقدار أن … قلت له أهلا وسهلا ومرحبا

واستمر الناصر أحمد فى الكرك إلى أن قتل كما سيأتى ذكره فى موضعه إن شاء الله.

<<  <   >  >>