قريب الصالحية فرأى أرنبا فساق خلفه وساق معه جماعة من الأمراء ومن جملتهم الأمير بيبرس البندقدارى لما دنوا منه، تقدم إليه الأمير بيبرس ليقبل يده وكان قد أنعم عليه بجارية مليحة من سبايا التتار فلم يمد يده إليه قبض عليه الأمير بيبرس وضربه بالسيف وحمل عليه بقية الأمراء والمماليك بالسيوف حتى قتلوه وتركوه ميتا فى البرية، ثم ساقوا وهم شاهرون سيوفهم إلى أن وصلوا إلى الوطاق فجلس الأمير بيبرس البندقدارى على مرتبة السلطان قطز وتسلطن هناك وأخذ المملكة بالقوة فشق ذلك على بقية الناس من أن الملك المظفر قطز قتل من غير ذنب، وكان من خيار ملوك الترك و- له اليد البيضاء فى القيام لدفع العدو عن البلاد وعمارة البلاد الشامية. وكان مقتله فى يوم السبت خامس عشر من ذى القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة ودفن هناك فى المكان الذى قتل فيه. فكانت مدة سلطنته نحو سنة إلا أيام وتولى من بعده الأمير بيبرس.
٤ - ذكر سلطنة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلاى البندقدارى الصالحى النجمى (١)
هو الرابع من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، تسلطن بعد قتلته للمظفر قطز فى يوم السبت خامس عشر ذى القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة، ولقب بالملك الظاهر أبو الفتوح، وكان أول ما تسلطن تلقب بالملك القاهر فقال له بعض العلماء "ما تلقب أحد بهذا اللقب وأفلح" وقد جرب ذلك فتركه وتلقب بالملك الظاهر.
وكان أصله تركى الجنس أخذ من بلاده وهو صغير فبيع لشخص بدمشق يسمى العماد الصايغ ثم اشتراه منه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارى فلما قبض الملك الصالح نجم الدين أيوب على الأمير أيدكين البندقدارى واحتاط على موجوده، فأخذ بيبرس من جملة الموجود ثم أن الملك الصالح اعتقه وجعله من جملة المماليك البحرية. وكان شجاعا فأظهر فى وقعة الفرنج التى كانت على المنصورة فى أيام الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين من الشجاعة
(١) انظر المزيد فى: فوات الوفيات ١/ ٨٥، النجوم الزاهرة ٧/ ٩٤، بدائع الزهور ١/ ٩٨ - ١١٢، تاريخ ابن الوردى ٢/ ٢٢٤، السلوك ١/ ٤٣٦ - ٦٤١، دائرة المعارف الإسلامية ٤/ ٣٦٣.