إذا فاتوا السيوف تناولتهم … بأسياف من العطش القفار
ثم رحل السلطان عن مكان الوقعة ودخل إلى دمشق ومعه الخليفة والقضاة الأربعة فنزل بالقصر الذى فى ميدان دمشق وزينت له دمشق وأخلع على سائر الأمراء والنواب وقد قتل فى هذه الواقعة جماعة كثيرة من الأمراء والمماليك السلطانية والعساكر الشامية، ثم إن السلطان قصد التوجه إلى نحو الديار المصرية، فخرج من دمشق فى يوم الثلاثاء ثالث شهر شوال فوصل إلى القاهرة فى ثالث عشرين شوال فزينت له مصر والقاهرة، وكان يوم دخو - له إلى القاهرة يوما مشهودا ومعه جماعة كثيرة من أسرى التتار وهم مشاة مكشفين الروؤس، حفاه وصناجقهم منكسة بأيديهم، ودخل السلطان من باب النصر فلما وصل إلى بين القصرين ترجل عن فرسه ودخل إلى قبة والده قلاوون وزار ضريحه ثم ركب الأمراء فى ركابه يمشون إلى القلعة وفرشت له الشقق الحرير ومشى عليها بفرسه إلى أن طلع إلى القلعة.
[ومن الحوادث فى هذه السنة]
أن الأرض قد زلزلت زلزلة شديدة بالقاهرة وأعمالها وبثغر الإسكندرية حتى هدمت سور الإسكندرية والأبراج وتساقطت منها المواذن وكان أكثر عملها بثغر الإسكندرية ومثل ذلك بدمشق والكرك والشوبك وصفد، وأقامت هذه الزلزلة فعاود اليأس عشرين يوما وهلك فيها جماعة كثيرة تحت الردم من الدور التى تساقطت وكانت هذه الزلزلة فى الصيف فجاء بعدها سموم ملقح حتى عمر على الناس من ذلك.
[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعمائة]
فيها: جاءت الأخبار بأن غازان ملك التتار قد مات، وقيل إنه مات مسموما سمته زوجته بلغان شاه فى منديل فمات. وقيل إنه كان قد جهز عسكرا وقصد أن يمشى على حلب وعلى دمشق كما فعل أولا، فكفى الله المؤمنين شر القتال وفى ذلك يقول علاء الدين الوداعى:
قد مات غازان بلا علة … ولم يمت فى السنة الماضية
بل شنعوا عن موته فانثنى … حيا ولكن هذه القاضية
فلما مات غازان خمدت الفتن وحسنت الأوقات واستمر الملك الناصر فى السلطنة إلى أن دخلت سنة ثمان وسبعمائة.