ولما فرغ الأشرف خليل من أخذ مدينة عكا أرسل فى القبض على الأمير لاجين السلحدار نائب دمشق وحبسه بقلعة صفد، ثم قبض على الأمير سنقر الأشقر الذى كان تسلطن بدمشق، وقد تقدم ذلك وقبض على الأمير طقصوا. فلما حضر الأشرف خليل إلى القاهرة قبض على الأمير جرمك ومعه جماعة من الأمراء وأكملهم سبعة ثم أمر بخنقهم عن أخرهم، فخنق السبعة فى ليلة واحدة. فلما أرادوا دفنهم وجدوا الأمير لاجين فيه الروح فأخبروا السلطان بذلك فرق له ورضى عنه وأنعم عليه بتقدمة ألف ومازالت الأقدار تساعده حتى تسلطن كما سيأتى ذكره. ثم أفرج عن الأمير بيسرى وأنعم عليه بتقدمة ألف.
[ثم دخلت سنة إحدى وتسعون وستمائة]
فيها: توجه السلطان إلى حلب ومنها إلى قلعة الروم فحاصرها ونصب عليها ثلاثة وعشرين منجنيقا فافتتحها فى يوم السبت حادى عشرين رجب من السنة المذكورة وكانت قلعة الروم كرسى مملكة الأرمن، ثم رجع السلطان إلى القاهرة وهو منصور مؤيد، وكان سعيد الحركات.
[ثم دخلت سنة اثنتين وتسعون وستمائة]
فيها: توجه السلطان على التجريد إلى الكرك واستقر بالأمير أقوش فى نيابتها. ثم توجه منها إلى نحو مدينة سيس، فأرسل صاحب سيس يطلب من السلطان الأمان. فأشار الأمراء على السلطان بأن يعطيه الأمان. ثم توجه السلطان إلى نحو قلعة البهسنا ففتحها هى والمرعش وتل حمدون وما حولها من القلاع. ولو طال عمر الأشرف خليل لفتح غالب بلاد العراق لأنه كان مسعودا فى حركاته، شجاعا مقداما، ولا يعرف فى أبناء ملوك من يناظره فى الشجاعة والإقدام وعلى هذا فقد اتفق أصحاب التواريخ من المتقدمين والمتأخرين. وفى هذه السنة وهى سنة اثنتين وتسعين وستمائة: توفى القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر كاتب السر الشريف وهو صاحب الأشعار اللطيفة، وكان مولده فى سنة عشرين وستمائة وعاش من العمر اثنين وسبعين سنة ومن شعره هذا المقطوع اللطيف وهو قوله: