للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة ست وثمانون وثمانمائة]

فيها: جاءت الأخبار من المدينة الشريفة بأن المسجد النبوى قد احترق وحتى الحجرة الشريفة والقبة وجميع سقوف المسجد كلها وذلك فى شهر رمضان من سنة ست وثمانين وثمانمائة وكتب بذلك محضر ثبت على قضاة المدينة، بأن وقت التسبيح نزلت صاعقة عظيمة من السماء فى المسجد الشريف فاحترق جميعه وقد شاهدوا فى الليل طيورا بيض قدر الرخم طائفين حول المسجد، فمنعت النار لا تحرق البيوت التى حول المسجد فلما بلغ السلطان ذلك شق عليه وبكى ثم إن السلطان عين الخواجا ابن الزمن لعمارة المسجد الشريف، فسافر فى سنة سبع وثمانين وأخذ معه جماعة من البنائين والنجارين واصرف السلطان على ذلك مالا كثيرا وانتهى العمل منه فى أسرع مدة ومن أحسن ما كان أولا فى الزخرف والبناء، قال شمس الدين القادرى:

بطيبة سيئات الركب بدلها … رب العلا حسنات عندما زاروا

وعندما قبلت ضاهت لذى حرم المختار … من أكلت قربانه النار

وقال بعض الشعراء فى ذلك:

لم يحترق حرم النبى لحادت … يخشى عليه ولا دهاه العار

لكنما أيدى الروافض لامست … ذاك الجناب فطهرته النار

وفى هذه السنة: وقعت زلزلة عظيمة بالديار المصرية وأقامت نحو ست درج ووقع فيها أماكن وحيطان وقتل فيها قاضى القضاة الحنفى بن عيد، ومات فيها من الرجفة الجنان الزينى أبو بكر بن المقر الزينى عبد الباسط.

وفى أوائل هذه السنة: حضر إلى الأبواب الشريفة الخام ابن عثمان ويدعى أيضا الجمجمة، فلما حضر أكرمه السلطان وعظمه وكان سبب حضوره إلى القاهرة، قيل حصل بينه وبين أخيه الكبير خط نفس فالتجأ إلى سلطان مصر فأقام بالقاهرة مدة ثم قصد العود إلى بلاده وله زلة فى ذلك فترك عياله وأولاده بالقاهرة وتوجه هو إلى نحو بلاده، فلما صار فى أثناء الطريق أسروه الفرنج ثم إنه أقام عندهم مدة طويلة حتى مات هناك، وكان هذا سبب الشر الذى وقع بين السلطان وبين ابن عثمان أخا الجمجمة كما سيأتى ذكر هذا الكلام فى موضعه.

<<  <   >  >>