والأكراد خاصة حتى كانت عدتهم اثنى عشر ألف فارس، ولكن كل فارس منهم مقوم بمائة فارس وهو الذى أقام بمصر الحرمة العظمة بعد ما كان تلاشى أمرها إلى الخراب. وهو الذى بنى تربة الشافعى بعد ما كانت ساحة وهو الذى بنى المارستان القديم عند دار الضرب.
واستمر صلاح الدين يوسف بن أيوب فى مملكة مصر إلى أن مرض ومات بدمشق فى شهر صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ومات و- له من العمر نحو واحد وسبعين سنة، وكان مولده فى قلعة تكريت فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. فكانت مدة سلطنته بمصر أربع وعشرين سنة، وانفرد بملك مصر فى جمادى الآخر سنة ست وستين وخمسمائة. ولما مات خلف من الأولاد سبعة عشر ولدا ذكرا، ولم يخلف فى الخزائن من الذهب والفضة شيئا سوى سبعة وأربعين ألف درهم، ولم يخلف قرية ولا ملكا ولا بستانا، ونفد جميع ما فى الخزائن على الفتوحات والتجاريد التى كانت فى أيامه. وهو أول ملوك بنى أيوب بمصر. ولما مات ولى من بعده ابنه العزيز عثمان.
٢ - ذكر سلطنة الملك العزيز عماد الدين أبى الفتح عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب (١)
تسلطن بعد موت أبيه صلاح الدين يوسف، وكان مولده فى جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمسمائة، وكان أصغر أخوته، وهو الثانى من ملوك بنى أيوب بمصر، وكان أخوه الأفضل أكبر أخوته، فلما مات صلاح الدين بدمشق وتولى ابنه الأفضل على دمشق وتولى ابنه المظفر غازى على حلب، فلما تولى العزيز عثمان على مصر وكان أصغرهم فحاربه أخوته، وجرى له معهم أمور يطول شرحها.
وكان له من العمر لما تولى على مصر سبع وعشرون سنة، ولما تولى على مصر سار فى الناس أقبح سيرة، وأعاد المكوس التى كان أبطلها والده صلاح الدين وزاد فى شناعتها وتجاهر بالمعاصى والمنكرات حتى غلا سعر العنب فى أيامه لكثرة ما
(١) انظر المزيد فى: الخطط ١/ ٢٣٥، وفيات الأعيان ١/ ٣١٤، النجوم الزاهرة ٦/ ١٢٠، بدائع الزهور ١/ ٧٣، الكامل ١٢/ ٤، السلوك ١/ ١١٤ - ١٤٤، الشرفنامة الكردية ٩١.