هناك إلى أن مات فى يوم الأربعاء حادى عشرين جمادى الأخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة وذلك فى الوباء الذى كان فى تلك السنة.
وكانت مدة سلطنة الخليفة العباس بمصر ستة أشهر إلا أياما وكانت مدته فى الخلافة دون السلطنة ثمانى سنين وكان ليس له فى السلطنة مع وجود شيخ إلا مجرد الاسم فقط والأمر كله للأتابكى شيخ.
ومن الحوادث فى أيامه ذكر الشيخ شهاب الدين بن حجر العسقلانى فى تاريخه فى سنة ستة عشرة وثمانمائة تولى قاضى القضاة الحنفى صدر الدين بن المجلامى الحسبة الشريفة مضافة لما مده من قضائه القضاة الحنفية، وهو أول من جمع بين القضاء والحسبة ولم يسمع مثل ذلك فيما تقدم من الدول الماضية.
٢٩ - ذكر سلطنة الملك المؤيدى شيخ بن عبد الله المحمودى الظاهرى (١)
وهو الثامن والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، والرابع من ملوك الجراكسة، وأصله من مماليك الملك الظاهر برقوق اشتراه من الخواخا محمود شاه وأعتقه، ثم صار "خاصكيا"، ثم بقى "ساقيا"، ثم بقى أمير عشرة، ثم بقى أمير أربعين، وسافر إلى الحجاز أميرا، وفى سنة إحدى وثمانمائة بقى مقدم ألف فى دولة الملك الناصر فرج، ثم تولى نيابة طرابلس وأسره تمرلنك كما تقدم مع من أسر من النواب، فهرب منه ووقع له فى أيام الناصر فرج أمور شتى ومحن عظيمة، وحبسه الملك الناصر فى خزانة شمايل، فأقام بها مدة وأقام فى عجاج وعصيان فى بلاد الشامية حتى مضى أكثر عمره إلى أن كان من أمر الناصر فرج ما تقدم ذكره.
وتسلطن الخليفة العباس فيظى شيخ أتابك العساكر ونظام المملكة بمصر ثم خلع الخليفة وتسلطن عوضه وذلك فى يوم الاثنين مستهل شهر شعبان سنة خمسة عشرة وثمانمائة وفى ذلك يقول ابن كميل ناصر الدين:
تسلطن الشيخ وزال العنا … فالناس فى بشر وتيه وفنج
فلا تقاتل بصبى ولا … تلق به جيشا وقاتل بشيخ
(١) انظر المزيد فى: شذرات الذهب ٧/ ١٦٤، الضوء اللامع ٣/ ٣٠٨، بدائع الزهور ٢/ ٢