المكر والخداع. وقد وصل منهم طائفة إلى مرعش. فلما بلغ السلطان ذلك أخذ فى أسباب التوجه إلى حلب.
وفى هذه السنة: أمر السلطان بأن اليهود يلبسوا عمائم صفر والنصارى يلبسوا عمائم زرق، والسامرة يلبسوا عمائم حمر كما كان فى زمن الحاكم بأمر الله العبيدى، ونسى ذلك فأمرهم السلطان بأن يلبسوا ذلك كما كانوا قديما ليمتازوا عن المسلمين فى حلاهم ويعرف المجرمون بسيماهم وكانوا كلهم يلبسون المبازر العسلية فى الدول القديمة.
[ثم دخلت سنة إحدى وسبعمائة]
فيها: علق السلطان الجاليش وأمر بخروج العسكر إلى حلب وعين من الأمراء جماعة فخرجوا قبل توجه السلطان وهم: الأتابكى بيبرس الجاشنكير والأمير لاجين الرومى والأمير طغربل والأمير كراى والأمير بيبرس الدوادار والأمير سنقر شاه وهم ستة مقدمين ألوف، فخرجوا من القاعدة فى ثامن رجب من السنة المذكورة.
ثم جاءت الأخبار بأن قطلوشاه أمير غازان وصل إلى حلب وهو فى اثنى عشر ألف فارس، فلما تحقق السلطان صحة الأخبار لم يستقر له قرار وخرج من القاهرة بالعساكر جميعها بحيث لم يتأخر صغير ولا كبير، وجمع طائفة كثيرة من العربان والعشير وغيرهم، وخرج السلطان الملك الناصر محمد ومعه الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان والقضاة الأربعة وجميع العسكر وخرج فى ثالث شهر شعبان من السنة المذكورة وهى السفرة الثالثة.
فلما خرج من القاهرة فجد فى السير حتى وصل إلى دمشق فى مستهل شهر رمضان، فتلاقى السلطان مع عسكر غازان على المرج الأصفر ووقع بينهما وقعة عظيمة ما سمع بمثلها، فنصر الله تعالى السلطان وعسكره على عسكر غازان فولوا مدبرين وهلك منهم خلق كثيرة بالسيف وشئ غرق فى الفرات، وشئ مات بالعطش والجوع وما نجا منهم إلا من طال عمره، وقد كسبوا من عسكر التتار الخيول والسلاح والقماش لم يسمع بمثله أبدا. وفى ذلك يقول بعض الشعراء: