سنين وشهرا ونصف الشهر، وكان خيار أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون وله بر ومعروف، فمن ذلك أنه أوقف قرية بضواحى القاهرة تسمى يليسوس على كسوة الكعبة الشريفة وكان عنده سياسة للرعية وعدل زايد، ومات على فراشه بخلاف أخوته، وكان على مذهب بعض الخلفاء يحب الجوارى والمولدات السود، وكان الشعراء يكثرون له من مدح السودان فمن ذلك قول بعضهم.
يكون الخال فى خذ قبيح … فيلنسوه الملاحة والجمالا
فكيف يلام مشغوف على من … يرأه كله فى العين حالا
ولما مات الملك الصالح ودفن بالقبة التى بين القصرين عند والده وقد رثاه [ق. ٥٠ ب] الصلاح الصفدى بقوله:
مضى الصالح المرجو للناس والندى … ومن لم يزل يلقا المنايا لمنايح
فيا ملك مصر كيف حالك بعده … إذا نحن اتينا عليك بصالح
١٧ - ذكر سلطنة الملك الكامل الأشرف شعبان بن الملك الناصر محمد بن قلاوون (١)
وهو السابع عشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية والخامس من أولاد الناصر محمد بن قلاوون، تسلطن بعد موت أخيه الملك الصالح إسماعيل بعهد منه وكان أخوه شقيقه، فجلس على سرير الملك فى يوم الخميس حادى وعشرين ربيع الأول سنة ست وأربعين وسبعمائة وفيه يقول ابن نباته:
طلعة سلطاننا تبدت … بكامل السعد فى الطلوع
وأعجب لنا منه كيف أبدت … هلال شعبان فى ربيع
فلما تم أمره فى السلطنة سار فى الناس سيرة قبيحة وصار يخرج الإقطاعات بالمال وعمل لذلك ديوانا وصار يعين القدر فى المناشير، وكان محبا لجمع المال ثم أخذ فى أسباب
(١) انظر المزيد فى: بدائع الزهور ١/ ١٨٣، البداية والنهاية ١٤/ ٢١٦ - ٢١٩، الدرر الكامنة ١٩١/ ٢، شذرات الذهب ٦/ ١٥٠، النجوم الزاهرة ١٠/ ١١٦ و ١٤٠.