للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الحوادث فى هذه السنة حضر بجات من مكة واخبر بأن حرم مكة قد احترق منه قدر ثلاثة ولولا العمد كان قد احترق جميعه.

[ثم دخلت سنة ثلاث وثمانمائة]

فيها: حضر مملوك نائب حلب وأخبر بأن تمرلنك قد تحرك على البلاد الحلبية وقد وصل أوائل عسكره إلى عنتاب وهو فى عسكر يقتل، فبرزت المراسيم الشريفة إلى سائر النواب بأن يتوجهوا إلى حلب إلى أن يحضر الركاب الشريف فتوجه النواب جميعهم إلى حلب. فلما ملك تمرلنك مدينة عنتاب أرسل يقول إلى دمرداش نائب حلب سلم إلىّ مدينة حلب، وأنا أخليك على عادتك نائب حلب، فلما قدم رسول تمرلنك بهذه الرسالة إلى نائب حلب فحنق منه دمرداش نائب حلب، فأغلظ بهول تمرلنك على نائب حلب وقال له إذا كان مثل ابن عثمان أسرناه وملكنا مدينته (١) (وأضاف) أنت وأسنادك حتى يقول لا ما أسلم وأمر نائب حلب بضرب عنق رسول تمرلنك فضرب عنقه وحلقوا ذقون عنه. فلما بلغ تمرلنك ذلك زحف على حلب ومعه من العساكر.

فلما كان يوم السبت حادى عشر ربيع الأول من السنة المذكورة: برز عساكر حلب وخرجوا إلى الفضاء فاتقعوا مع عساكر تمرلنك فوقع بينهم وبين عسكر تمرلنك وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها، فما كان غير ساعة حتى دهمهم عساكر تمرلنك مثل أمواج البحر فانكسر عساكر حلب وولوا مدبرين وأقبلوا نحو البلد منهزمين ومددت الحوافر أجساد المشاة من العامة وحل بهم من البؤس كل داهية طامة فدخل عساكر حلب إلى المدينة وأغلقوا الأبواب فتتبعوهم عساكر تمرلنك وصاروا ينهبون ويقتلون ويحرقون دارح مدينة حلب، وكان قد احتمى بالجوامع والمساجد والمزارات جماعة كثيرة من الرجال والنساء والصغار والأطفال فدخلوا إليهم ونهبوا أموالهم وافتضوا أبكارهم وقتلوا أطفالهم وصاروا لا يرتوا لبكاء الرضع ولا يرعوا عهد المساجد للركع حتى لقد صارت المساجد كالمحررة لشناعة ما يطرح فيها من القتل وسفك الدماء ووطء الحرمات، واستمر هذا القبح المستبشع والخطب المستشنع من يوم السبت إلى يوم الثلاثاء، فعند ذلك نزل دمرداش نائب حلب وفى رقبته منديل ووسطه محلول وهو يطلب الأمان من تمرلنك ومعه جماعة من النواب فأجابهم تمرلنك إلى ذلك


(١) إضافة للسياق مع المعنى.

<<  <   >  >>