الديار المصرية، وكان يوم دخول العسكر إلى القاهرة يوما مشهودا، وزينت لهم القاهرة زينة عظيمة ودخل الأتابكى أزبك فى موكب عظيم والأمراء المقدمين قدامه ودخل معهم ممن أسروه من عسكر ابن عثمان وهم مشاة فى جنازير ملسعين عن رؤوسهم وصناجقهم منكسة وأمرائه فى جنازير وهم راكبون فلما طلعوا بهم إلى القلعة رسم السلطان بأن يفرق الأسرى الذين من عسكر ابن عثمان على المباشرين حتى على قضاة القضاة. وأما الأمراء توجهوا بهم إلى عند المقر السيفى قانصوه خمسمائة أمير أخور كبير فأقاموا عنده فى الاعتقال وانتهى الأمر على ذلك.
[ثم دخلت سنة ست وتسعون وثمانمائة]
فيها: جاءت الأخبار بأن ابن عثمان مجتهد فى جمع عساكر وقصده العود إلى قتال عسكر مصر فعند ذلك رسم السلطان بأن يؤخذ من الأوقاف والأملاك التى فى مصر أجرة خمسة أشهر غير ما تقدم من أمر الشهرين فعند ذلك حصل للناس الضرر الشامل وكان هذا الأمر من أعظم مساوئ الملك الأشرف قايتباى وصار ذلك فى صحيفته إلى يوم القيامة، وجعل المتولى أمر ذلك الأمير تغرى بردى الاستادار وجعل له التحدث من باب زويلة إلى دير الطين وجعل القاضى علاى الدين بن الصابونى ناظر الخواص متحدثا من باب زويلة إلى أخر دور الحسينية فصاروا يطلبون الناس من الأغنياء والفقراء بالرسل الغلاظ السداد فصاروا يشوشون على الناس ويبهدلونهم غاية البهدلة، فأخذوا حتى من أوقاف المساجد والجوامع ومن وقف البيمارستان المنصورى. ثم إن السلطات صادر التجار وأخذ من كل واحد على قدر مقامه، حتى صادر تجار الأرياف من البرلسية وغيرهم ثم صادر طائفة من اليهود والنصارى من كل واحد حسبما يقدر عليه وحصل للناس غاية الأذى فخرجت التجريدة قبل أن تجبى الأموال وعادت واستمر المال تحت يد الاستادار وناظر الخاص إلى أن صرف فيما سيأتى ذكره، وكان السلطان يظن أن ابن عثمان يتحرك بنفسه على الديار المصرية فيحفظ ذلك ويجمع هذه الأموال فلقاه الله تعالى موته ذلك وأخذل ابن عثمان عن التحرك إلى الديار المصرية، ثم إن السلطان عين الأمير ماماى الدوادار الثانى أحد الأمراء الأربعين ومعه هدايا جليلة وتقادم عظيمة وتوجه إلى ابن عثمان ويمشى بينه وبين السلطان فى أمر الصلح، فلما وصل إلى ابن عثمان قبل منه تلك الهدية وقام على ابن عثمان وزراؤه وأمراؤه بأن يصطلح مع السلطان وأن يخمد هذه الفتن فوقع الصلح من