للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢ - ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصورى (١)

تسلطن بعد خلع الملك الناصر محمد بن قلاوون فى يوم السبت بعد العصر ثالث عشرين شهر شوال سنة ثمان وسبعمائة، فلما جلس على سرير الملك كتب إلى الناصر محمد تقليدا بنيابة الكرك وأن يركب إلى صلاة الجمعة ولما كان يوم الاثنين سابع ذى القعدة من السنة المذكورة ركب السلطان المظفر بشعار السلطنة وأرباب الدولة وأعيان الناس مشاة بين يديه والوزير ضياء الدين النشائى حامل التقليد على رأسه وأخلع على الأمراء وأرباب الوظائف فى ذلك اليوم ألفين ومائتين خلعة وبيبرس هذا هو الثاني عشر من ملوك الترك واولادهم بالديار المصرية.

[ثم دخلت سنة تسع وسبعمائة]

فيها: توقف النيل عن الزيادة فى أواخر مسرى ونقص فى أواخر النسئ فضج الناس لذلك وتشحطت الغلال وارتفع سعر القمح فلما كان أول يوم من توت وهو يوم النوروز انحطت الأسعار ولم يوف النيل. فلما كان سابع توت كسر السد من غير وفاء لم يخلق المقياس لذلك لأن التخليق ما يكون إلا مألوفا. فلما كان سابع عشرين توت نقص النيل جملة واحدة فكان منتهى الزيادة فى تلك السنة خمسة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا وذلك فى سنة تسع وسبعمائة ولكن لم يتشحط لذلك الأسعار إلا قليلا وفى ذلك يقول النصير الحمامى:

إن عجل النوروز قبل الوفا … عجل للعالم صفع القفا

فقد كفى من دمعهم ما جرى … وما جرى من نيلهم ما كفى

وكانت وفاة النصير الحمامى فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، وكان شاعرا جيدا فمن شعره لنفسه هذه الأبيات مناسبة لصنعته.

وكدرت حمامى بغيبتك التى … تكدر فيها العيش من كل مشرب

فما كان صدر الحوض منشرحا بها … وما كان قلب الماء فيها بطيب

وله أيضا:

لى منزل معروفة … ينهل غيثا كالسحب

أقبل ذا العذر به … وأكرم الجار الجنب


(١) انظر المزيد فى: النجوم الزاهرة ٨/ ٢٣٢ - ٢٧٦، السلوك ٢/ ٤٥ - ٧١ ثم ٨٠.

<<  <   >  >>