٣٦ - ذكر سلطنة الملك المنصور أبى السعادات فخر الدين عثمان بن الملك الظاهر جقمق محمد العلاى (١)
وهو الخامس والثلاثون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الحادى عشر من الجراكسة وأولادهم، تسلطن بعد خلع أبيه الملك الظاهر من السلطنة فى يوم الخميس حادى عشرين المحرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة من أم ولد رومية، وتسلطن وله من العمر دون العشرين سنة وركب بشعار السلطنة من الدهيشية إلى القصر الأبلق، والأتابكى أينال العلاى حاملا لقبه والطير على رأسه إلى أن دخل إلى القصر، وباس له الأمراء الأرض ودقت له الكوسات ونودى باسمه فى القاهرة وضج الناس له بالدعاء وكل ذلك ووالده الملك الظاهر جقمق على قيد الحياة. فلما أتم أمره فى السلطنة وجلس على سرير الملك ثم عاد إلى سكنه بالحوش السلطانى مراعاة لوالده إلى أن توفى والده، فلما توفى قبض على الأمير زين الدين الاستادار وكان بينه وبين زين الدين الاستادار حظ نفس من أيام والده، فلما قبض عليه استقر بالأمير جانى بك نائب جده فى الأستادارية فعند ذلك تسلم زين الدين وعصره بالمعصار فى رجليه وصادره وأخذ منه نحو خمسين ألف دينار، وفى ذلك يقول بعض الشعراء.
أخبار زين الدين قد أضحى بها … طير المدائح فى الورى يتغرد
أن قيدوه وبالغوا فى عصره … فالكرم يعصر والجواد يقيد
ومن الحوادث فى أيامه: أنه فى يوم الاثنين مستهل ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة ركب المماليك الأشرفية والمؤيدية ومعهم المماليك السيفية وتوجهوا إلى بيت الأتابكى أينال العلاى وركبوه من بيته إلى البيت الكبير الذى عند حدرة البقر، ثم إن الأتابكى أينال أرسل خلف أمير المؤمنين حمزة فلما حضر إلى عند الأتابكى أينال، قام معه الخليفة حمزة وخلع الملك المنصور عثمان من السلطنة، وولى أينال واستمرت الحرب ثائرة بين أينال وبين الملك المنصور وطلع إلى الدور السلطانية، وملك أينال باب السلسلة ثم لبس خلعة السلطنة من الأسطبل السلطانى وطلع إلى القصر الأبلق وجلس على سرير الملك فعند
(١) انظر المزيد فى: بدائع الزهور ٢/ ٣٧ و ٢٤٢، تاريخ المماليك ١٤٦.