فلما تسلطن تلقب بالملك المؤيد ونودى باسمه فى القاهرة وضج الناس له بالدعاء، فلما بلغ نوروز الحافظى بأن شيخ خلع الخليفة من السلطنة وتسلطن عوضه، فشق ذلك عليه وخرج على الطاعة وأظهر العصيان، فإن نوروز حلف لشيخ وشيخ حلف لنوروز على المصحف بأن أحدا منهما لم يتسلطن وأن الخليفة يكون هو سلطانا، فلما خان شيخ اليمين وخلع الخليفة وتسلطن فعز ذلك على نوروز وخرج على الطاعة واستمر يدعو للخليفة العباس بدمشق وأعمالها.
[ثم دخلت سنة ستة عشرة وثمانمائة]
فيها: ظهر بالقاهرة شخص يدعى أنه يصعد إلى السماء ويشاهد النهار ويحل علا ويكلمه واعتقد جماعة كبيرة من العوام، فعقد له مجلس وحضر فيه القضاة الأربعة، فحكم القاضى المالكى بقتله بشهادة اثنين بأنه حاضر العقل، فشهد الجماعة من أهل الجهة بأنه مختل العقل، فسجن.
وفى أيام المؤيد شيخ تولى الحسبة الشريفة منكلى بغا وهو أول من تولى الحسبة من الأتراك بمصر، ولما أظهر نوروز العصيان جرد إليه الملك المؤيد شيخ فى سنة سبعة عشرة وثمانمائة، فحصن نوروز كثير دمشق. فلما وصل المؤيد شيخ إلى دمشق حاصر نوروز أشد المحاصرة ونصب مناجنيق على دمشق واستمر حصارها حتى ضجر نوروز، ومن ذلك وصل من شيخ الأمان وسلم نفسه بعد أمور جرت بينهما يطول شرحها عن هذا المختصر، وآخر الأمر قتل نوروز بقلعة دمشق وقطعت رأسه وجاء به إلى القاهرة وعلق على باب زويلة ثلاثة أيام.
وفيها: أنشد الشيخ تقى الدين بن حجة الشاعر، السبب أنشد إلىّ مولانا السلطان الملك المؤيد شيخ أعز الله أنصاره قصيدة، وقد كسر النيل فى مسرى من شهور القبط فتبعه فى يوم الكسير أن نوروز قد وصل أوائل عسكره إلى نيل وهو قاصد نحو الديار المصرية فكان ما أنشد به ومن هذه الأبيات:
أيا ملكا بالله صار مؤيدا … ومنتصبا فى ملكه نصب تمييز
كسرت بمسرى سدّ مصر وتنقضى … وحقك بعد الكسر أيام نوروز
وكان الفأل بالمنطق وكسر نوروز تلك السنة لما توجه إليه الملك المؤيد. فلما قتل نوروز أخلع السلطان على الأمير قايتباى المحمدى واستقر به نائب الشام، وأخلع على الأمير